· لا يكاد يمر أسبوع واحد من دون أن يقوم كل من رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، والأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، بإطلاق تصريحات فحواها شجب الأسلحة [غير التقليدية] الموجودة في حيازة إسرائيل. إن الهدف من وراء ذلك هو وقف الحملة على إيران، وتأكيد أن المشكلة كامنة في إسرائيل. وعلى ما يبدو، فإن مثل هذه التصريحات سيطلق أيضاً خلال القمة النووية التي ستُعقد في واشنطن في غضون اليومين المقبلين.
· ولا شك في أن أصحاب هذه التصريحات سيتذرعون بحقيقة أن إيران وقّعت معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، في حين أن ثلاث دول هي الهند وباكستان وإسرائيل لم توقّعها. ولا بُد من الإشارة إلى أن إيران وقّعت هذه المعاهدة لأن ذلك يتيح لها إمكان القيام بعمليات تخصيب اليورانيوم وشراء أجهزة ومواد تمكّنها من تطوير تكنولوجيا نووية، في حين أن إسرائيل، شأنها شأن الهند، ليست بحاجة إلى شراء مثل هذه التكنولوجيا مطلقاً.
· بناء على ذلك، فإن ما يتعين قوله هو أن المقارنة التي يجريها كل من أردوغان وموسى بين إسرائيل وإيران تنطوي على خداع كبير، ذلك بأن إسرائيل لم تنتهك تلك المعاهدة التي لم توقّعها أصلاً، بينما استغلت إيران توقيعها كي تنتهكها.
· كما أن هناك فارقاً مبدئياً كبيراً بين الدولتين، ذلك بأن إسرائيل لا تشكل خطراً على أي دولـة، ولا تتطلع إلى بسط سـيطرتها الإقليميـة، في حين أن إيران تهدد بـ"محو إسرائيل عن الخريطة"، وقد أصبحت الناطق الرسمي بلسان القوى المتطرفة في العالم الإسلامي، مثل حزب الله وتنظيم "القاعدة" وحركة "حماس"، وهي قوى لاسامية على رؤوس الأشهاد. بناء على ذلك، فإن الدولة التي تحتفظ بأسلحة [غير تقليدية] من أجل الدفاع عن وجودها في مقابل التهديدات بإبادتها، تختلف عن الدولة التي تمارس الخداع وتحاول التزود بهذه الأسلحة من أجل شنّ هجوم على دولة أخرى، وبالتالي، فإن هذه الأخيرة تستحق فرض عقوبات دولية قاسية عليها.
· فضلاً عن ذلك، فإن إسرائيل بحاجة ماسة إلى هذه الأسلحة في حال اضطرارها إلى تقديم تنازلات كبيرة إذا ما أصبحت سورية والفلسطينيون على استعداد للتوصل إلى سلام حقيقي.
· إن الدعاية التي يدأب أردوغان وموسى على ترديدها يجب أن تُواجه برد دولي أكثر حزماً يشمل ما يلي: أولاً، الكفّ عن إجراء مقارنة بين إيران وإسرائيل، لأن هذه الأخيرة لا تهدد بإبادة أحد، وإنما تتعرض للتهديد بالإبادة من طرف إيران؛ ثانياً، أن إسرائيل بحاجة إلى قوة ردع قوية من أجل دفع احتمالات التسوية السياسية في المنطقة قدماً، وأن مَن يرغب في سلبها قوة الردع هذه لا يرغب في السلام، وإنما في الاستفزاز الدائم.