أهمية لقاء نتنياهو ـ أوباما كامنة فيما قد يترتب عليه مستقبلاً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      يرغب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لدى أول زيارة يقوم بها إلى واشنطن منذ أن تسلم مهمات منصبه، في أن يتظاهر أن في إمكانه أن يأتي إلى البيت الأبيض، وأن يعرض مواقفه المعهودة عندما كان في صفوف المعارضة وفي أثناء حملته الانتخابية العامة، وأن يخرج، على الرغم من ذلك كله، سليماً معافى. فهذا ما فعله أيضاً خلال ولايته الأولى في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، لدى أول زيارة قام بها إلى واشنطن عقب تسلم مهمات منصبه، في سنة 1996، من أجل عقد لقاء مع الرئيس الأميركي في ذلك الوقت، بيل كلينتون.

·      لقد تحدث نتنياهو، في المرة الفائتة، عن "مبدأ التبادلية" في سياق العلاقات مع الفلسطينيين. وها هو الآن يطالب الفلسطينيين بأن يعترفوا بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي.

·      وفي واقع الأمر، فإن الرئيس كلينتون لم يكن الود لنتنياهو، وإنما رأى فيه خصماً سياسياً يتميز بالصلف. لكن على الرغم من العلاقات المتوترة بينهما، فإن إدارة كلينتون جعلت نتنياهو يوقع اتفاقين مع [الرئيس الفلسطيني الراحل] ياسر عرفات، هما اتفاق الخليل ومذكرة واي ريفر.

·      إن العبرة من ذلك واضحة للغاية، وفحواها أن ما سيقوله نتنياهو غداً أمام كاميرات وسائل الإعلام في البيت الأبيض ليس مهماً. والأمر الأكثر أهمية هو ما سيفعله عندما يعود إلى البلد.

·      لا شك في أن مواقف نتنياهو ومعتقداته لا تقف حاجزاً أمام قراراته، كما أن من عادته أن يتنكر لما صرّح به في السابق، كما فعل خلال المناقشات بشأن الميزانية الإسرائيلية العامة. إن نتنياهو يدرك، أيضاً، تبعية إسرائيل لأميركا، والتي تعمقت أكثر فأكثر منذ ولايته الفائتة، ولذا، فإنه لن يجازف بالعلاقات بين الدولتين من أجل خوض مواجهة علنية مع [الرئيس الأميركي] باراك أوباما.

·      لقد استبق أوباما زيارة نتنياهو هذه بسلسلة من الرسائل الحادة، التي عبّرت عن التبرم بمواقف الحكومة الإسرائيلية الجديدة. صحيح أنه سيستقبل نتنياهو بابتسامة عريضة وسيصغي إلى مواقفه، لكنه سيوضح له أنه لن يتنازل عن "حل الدولتين"، وأنه يتعين على إسرائيل أن تتماشى مع أميركا فيما يتعلق بالموضوع الإيراني، وليس العكس. أمّا نتنياهو فسيحاول، من جهته، أن يقنع أوباما بأن يلائـم وتيرة الخطوات السياسية مع قدرة الحكومة الحالية في إسرائيل على استيعابها.

يجب أن ننظر إلى أول لقاء بين أوباما ونتنياهو على أنه خطوة في طريق طويلة. وخلال هذه الطريق سيحاول الرئيس الأميركي أن يجرّ رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى عقد صفقة مع الفلسطينيين، وإلى طيّ صفحة المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، بينما سيحاول الثاني، في المقابل، أن يقنع أميركا بإتباع سياسة القبضة الحديدية إزاء إيران، وبأن يتم استئناف التنسيق السياسي والأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة. وبناء على ذلك، فإن نجاح هذا اللقاء سيتضح في غضون الأشهر القليلة المقبلة.