من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· حققت إسرائيل في اليوم الأول لعملية "عمود السحاب" إنجازات كبيرة، فقد اغتالت القائد العسكري "لحماس"، ودمرت منظومة الصواريخ البعيدة المدى التي لدى الحركة، وأحدثت صدمة في صفوفها. كما كان اليوم الثاني للعملية أيضاً يوماً ناجحاً: فقد أثبتت القبة الحديدية قدرتها على اعتراض الصواريخ الفلسطينية، كما برز صمود الجبهة الخلفية الإسرائيلية، وحظيت إسرائيل بالشرعية الدولية، وبالدعم الأميركي والتفهم الأوروبي، بالإضافة إلى الصمت التركي والتعاون المصري. وقد جعل هذا كله الموقف العسكري الاستراتيجي لإسرائيل عشية يوم السبت الماضي جيداً للغاية.
· وفي الواقع فإنه خلال ال48 ساعة الأولى ظهر أن إدارة نتنياهو- باراك- غانتس للعملية العسكرية أفضل بكثير من إدارة حرب لبنان الثانية، ومن إدارة عملية "الرصاص المسبوك". وبدا أن دروس لجنة فينوغراد [التي حققت في حرب تموز 2006 ضد لبنان] ولجنة غولدستون [التي حققت في عملية الرصاص المسبوك ضد غزة] قد جرى استيعابها وتطبيقها. ولقد نجحت إسرائيل في استعادة قدرتها على الردع من دون التسبب بعمليات قتل جماعية للفلسطينيين ومن دون زعزعة النظام الإقليمي. من هنا يمكن القول إنه لو توقفت العملية قبل أربعة أيام، لكانت الرسالة قد وصلت جيداً إلى غزة وبيروت ودمشق وطهران، وهي رسالة قاطعة وواضحة مفادها أن إسرائيل متفوقة استخباراتياً وتملك قدرة جوية ساحقة، ولديها زعامة حازمة وجمهور شجاع وتحظى بدعم دولي .
· لكن مثلما حدث سنة 2006 وسنة 2008 لم توقف إسرائيل هجومها في الوقت الملائم أي عندما كانت الظروف ما تزال تعمل لصالحها. ولهذا السبب فإن الإنجازات الكبيرة التي حققتها عملية "عمود السحاب" في الأيام الثلاثة الأولى تآكلت، وبدأت تظهر الارتدادت السلبية. فقد تراجعت القدرة على توجيه ضربات جوية موجعة ضد الجناح العسكري" لحماس"، وازدادت الإصابات بين المدنيين الأبرياء. كما تراجعت القدرة الدفاعية في مواجهة الصواريخ الفلسطينية التي ثبت مع مرور الوقت قدرتها على التسبب بمعاناة مليون مواطن إسرائيلي. ولقد بدت "حماس" بعد خروجها من الصدمة بأن وضعها ليس ميؤساً منه وأن الزمن يعمل لمصلحتها. فعاجلاً أم آجلاً ستقع مذبحة في غزة، وعاجلاً أم آجلاً ستزول الحصانة السياسية التي تتمتع بها إسرائيل اليوم، وفي نهاية الأمر سيلاقي بنيامين نتنياهو وإيهود باراك المصير نفسه الذي لاقاه إيهود أولمرت وعمير بيريتس، وسيجدان نفسيهما غارقين في الوحل.
· من هنا يمكن القول إن الخيار الذي تجد إسرائيل نفسها أمامه في نهاية خمسة أيام على القتال هو نفسه الخيار الذي واجهته في الأسبوع الثاني لحرب لبنان الثانية، وفي الأسبوع الثاني لعملية "الرصاص المسبوك"، والمقصود الخيار بين وقف إطلاق نار صعب أو عملية برية وخيمة العواقب. ومما لاشك فيه أنه من الصعب تحقيق النصر في قطاع غزة، أو حتى تحقيق حسم قاطع ضد "حماس". ولهذا السبب من الأفضل التوصل إلى حل قد لا يكون مثالياً على الحدود الجنوبية، على التورط في عملية برية دموية ليس في استطاعة أحد التنبؤ بانعكاساتها.
· ثمة مطالب لا يمكن لإسرائيل التساهل فيها مثل ضرورة أن يكون الهدوء في المنطقة المتاخمة لغزة كاملاً، ومنع "حماس" منعاً مطلقاً من اعادة بناء قدرتها الصاروخية، والطلب من حكومة هنيّة كبح التنظيمات الإسلامية المتطرفة وألا تكون منطقة السياج الحدودي عرضة لعمليات استفزاز. وفي مقابل هذه المطالب ينبغي على إسرائيل تقديم مجموعة من المقترحات المهمة مثل فتح مصر للمعبر بين غزة وسيناء، وتخفيف الحصار البحري، والاعتراف بسيادة وشرعية سلطة "حماس" على غزة طالما لا تستغل الحركة هذه السيطرة لمهاجمة إسرائيل.
· ليس من السهل إقناع الجمهور الإسرائيلي بوقف إطلاق للنار يتضمن إنجازات مهمة "لحماس". لكن توسيع العملية ينطوي على مخاطر سياسية وإقليمية وأخلاقية كبيرة. بناء على ذلك على نتنياهو وباراك وليبرمان أن يتذكروا ما جرى لمن سبقهم عندما ضيعوا فرصة إنهاء الحرب في الوقت الملائم.
· وحتى لو تعرضت الحكومة للانتقادات لأنها لم تذهب في الحرب حتى النهاية، فإن عليها ألا تفعل ذلك، فقد حان الوقت للنزول عن عمود السحاب والعودة إلى أرض الواقع.