· على الرغم من الضربة القاسية التي تعرّض لها قطاع غزة تحت وطأة الغارات الجوية منذ بدء عملية "عمود السحاب" العسكرية الإسرائيلية، لا تزال حركة "حماس" تعيش في أجواء انتصار. ولعل ما يثبت ذلك هو استمرار هذه الحركة في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وعدم التأثر بتهديدات إسرائيل شن عملية عسكرية برية واسعة النطاق، وعدم إسراع قادتها للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار.
· ويمكن القول إن أجواء الانتصار هذه تشمل الفلسطينيين في كل من القطاع والضفة الغربية، بمن في ذلك نشيطو حركة "فتح" الذي يصفقون لكل صاروخ يتم إطلاقه على مستوطنات المنطقة الجنوبية ومدنها.
· ولا شك في أن هذا التأييد الجارف الذي تحظى به حركة "حماس" يشكل بالنسبة إليها دافعاً قوياً للاستمرار في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، والتلكؤ في التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار.
· وعلى مستوى الدول العربية لا بُد من ملاحظة أن أحداث "الربيع العربي" صبّت في مصلحة حركة "حماس"، التي أصبحت في الآونة الأخيرة تظهر على أنها في تحالف واحد مع كل من مصر، وقطر، فضلا عن تركيا. كما أن دولة مهمة مثل مصر باتت في ظل حكم "الإخوان المسلمين" بمثابة حاضنة لهذه الحركة، خلافاً لما كانت عليه الحال في إبان سلطة الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي كان يعتبر صديقاً لإسرائيل.
· إن الاستنتاج المطلوب من ذلك كله هو أنه من دون ممارسة ضغوط داخلية وخارجية على حركة "حماس" لن تكون في عجلة من أمرها لإنهاء جولة المواجهة الحالية، وستحاول أن تكسب مزيداً من الوقت لتحويل أي اتفاق يتعلق بوقف إطلاق النار بين القطاع وإسرائيل إلى انتصار سياسي، ولإنهاء هذه الجولة من المواجهة بإنجازات ملموسة تعزّز سلطتها. في الوقت نفسه فإن "حماس" لن تسارع إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار إذا لم تقم إسرائيل بجباية ثمن باهظ منها يصل إلى درجة تهديد سلطتها وقادتها.