يبدو أن الرد الصارم الذي هددت إسرائيل باللجوء إليه ضد قطاع غزة في إثر عمليات إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون التي تعرضت لها مستوطنات المنطقة الجنوبية ومدنها منذ نهاية الأسبوع الفائت، سيتم إرجاؤه إلى جولة التصعيد المقبلة، وذلك بعد أن تم التوصل أمس (الثلاثاء) إلى اتفاق تهدئة بوساطة مصر.
وقد عقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الثلاثاء) اجتماعاً طارئاً لـ "طاقم الوزراء التسعة" لمناقشة آخر الأوضاع في المنطقة الجنوبية.
وقالت مصادر إسرائيلية مطلعة على وقائع هذا الاجتماع إنه في إثر عودة الهدوء إلى منطقة الحدود مع قطاع غزة لم يعد لدى إسرائيل أي مبرر قوي لشن عملية عسكرية واسعة النطاق عليه، وشددت على أن الحكومة سترد على الهدوء بالهدوء.
كما لمح كل من رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، إلى أن الرد الإسرائيلي سيُرجأ إلى جولة التصعيد المقبلة.
فقد أشار نتنياهو، خلال الاجتماع الذي عقده بعد ظهر أمس في بلدية بئر السبع مع رؤساء السلطات المحلية في المنطقة الجنوبية، إلى أنه مسؤول عن اختيار التوقيت الملائم لجباية أبهظ الأثمان من الذين يمسون سير الحياة الاعتيادية لسكان المنطقة الجنوبية، وشدد على أن الذي يعتقد أن في إمكانه أن يمس سير هذه الحياة من دون أن يدفع ثمناً باهظاً جراء ذلك يرتكب خطأ فادحاً.
وقال باراك، في ختام اجتماع لتقدير الموقف في المنطقة الجنوبية عقد صباح أمس واشترك فيه أيضًا كل من قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء طال روسو، وقائد فرقة غزة العميد ميكي إدلشتاين، إن جولة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة لم تنته بعد، وشدد على أن إسرائيل ستتخذ قرارات تتعلق بوسيلة استعادة الردع في مقابل حركة "حماس" وسائر الفصائل الفلسطينية، وتوقيت تنفيذها، وعلى أنها لن تقبل باستهداف مواطنيها. وحمل باراك حركة "حماس" المسؤولية عن عمليات إطلاق الصواريخ، وأكد أنها تلقت ضربات مؤلمة خلال الأيام القليلة الفائتة.
وقالت مصادر سياسية مصرية رفيعة المستوى لصحيفة "معاريف" إن هناك اتصالات مكثفة ومستمرة بين القاهرة والقدس، وإن مصلحة مصر في الوقت الحالي كامنة في تهدئة الأوضاع في قطاع غزة، وذلك كي تتمكن السلطة الجديدة من التفرغ لمعالجة قضايا البلد الداخلية.
وسقط طوال يوم أمس صاروخ من طراز غراد بالقرب من مدينة أسدود، وصاروخ آخر من طراز قسام في منطقة المجلس الإقليمي حوف أشكلون، ولم يتسبب سقوطهما بأي إصابات أو أضرار.
هذا، وتوالت التصريحات الصادرة عن المسؤولين السياسيين فيما يتعلق بالأوضاع في المنطقة الجنوبية.
وقال رئيس الدولة الإسرائيلية شمعون بيرس، في سياق محاضرة ألقاها أمس (الثلاثاء) أمام طلبة "الكلية الأكاديمية تل أبيب- يافا"، إن إسرائيل لن تقف مكتوفة اليدين إزاء استمرار إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من قطاع غزة على المنطقة الجنوبية. وأضاف أنه إذا كانت حركة "حماس" راغبة في أن يحظى قطاع غزة بحياة طبيعية، عليها أن تكف عن إطلاق الصواريخ على المنطقة الجنوبية، وبالتالي عليها أن تختار إمّا بين غزة تنعم بالهدوء والتطور، وإمّا بين غزة في حالة انفلات ومن دون أي أمل بالمستقبل.
وأكد بيرس أن سكان المنطقة الجنوبية يجب أن يحتلوا سلم أولويات الحكومة في الوقت الحالي، ودعا جميع السياسيين الإسرائيليين إلى التزام الصمت الآن وإتاحة المجال أمام الجيش كي يعمل وفقاً لاعتباراته.
وتطرق رئيس الدولة إلى الموضوع الإيراني فأعرب عن تأييده النهج الذي يتبعه الرئيس الأميركي باراك أوباما والقاضي باستنفاد العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران قبل اللجوء إلى أي خيار عسكري.
وشدد على أن "إسرائيل لا ترغب في أن تتدخل في الأحداث الجارية في سورية."
ووجه وزير الداخلية الإسرائيلية إيلي يشاي [رئيس شاس] أمس (الثلاثاء) رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعاه فيها إلى حث الأسرة الدولية على اتخاذ إجراءات فورية لوقف عمليات إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل قبل أن تتخلى هذه الأخيرة عن سياسة ضبط النفس. وأشارت الرسالة إلى أن حركة "حماس" تسيء تفسير سياسة ضبط النفس التي تنتهجها إسرائيل وتعتبرها سبباً لمواصلة استفزازاتها.
واستبعد رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين [ليكود]، خلال زيارة قام بها أمس (الثلاثاء) لإحدى المدارس في منطقة النقب الغربي، إمكان مواصلة التحلي بضبط النفس في حال استمرار الاعتداءات الصاروخية المنطلقة من القطاع، وفي الوقت نفسه أبدى تحفظه من أي مزايدات إعلامية على الحكومة الإسرائيلية.
وقال ريفلين إن على إسرائيل أن تراعي الموقف المصري الذي يعارض بشدة شن أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد القطاع.
ولم يرفض رئيس الكنيست إطلاق عملية سياسية لحل موضوع غزة، لكنه نوه إلى رفض حركة "حماس" الاعتراف بإسرائيل، مؤكداً أن هذا الأمر يتنافى مع منطق التفاوض معها.
ومن المقرر أن يعقد الكنيست غداً (الخميس) جلسة استثنائية لمناقشة الوضع في منطقة الحدود مع القطاع.