· منذ أيام الرئيس جون كينيدي، وقبله الرئيس هاري ترومان، فإن أي رئيس أميركي لم يخصص كثيراً من وقته الرئاسي الثمين لمعالجة قضايا نووية عالمية مثلما يفعل الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما، الذي يرى أن مهمته الرئيسية تتمثل في إحداث اختراق كبير فيما يتعلق بتعامل العالم أجمع مع السلاح النووي، ويُعتبر أول رئيس أميركي يعلن تطلعه إلى عالم من دون سلاح نووي.
· في واقع الأمر، فإن أوباما بدأ يهجس بالشؤون النووية منذ أن كان طالباً جامعياً في جامعة كولومبيا في نيويورك قبل نحو 30 عاماً. وقد نشر في ذلك الوقت مقالاً انتقد فيه فكرة إقامة نظام عالمي مبني على أساس تهديدات الردع النووية.
· لكن على الرغم من رؤية الرئيس أوباما هذه، فإنه كان حريصاً دائماً على تأكيد أن الطريق إلى تحقيق هذه الرؤية يجب أن تكون واقعية، وأن التحدي الماثل أمامه الآن هو إيجاد جدول أعمال نووي يكون بديلاً من فكرة الردع النووية، ويشكل قاعدة أولية لإحداث تغيير كبير في هذا الشأن.
· وعلى ما يبدو، فإن الشهرين المقبلين سيكونان حاسمين فيما يتعلق بجدول أعمال أوباما النووي، وقد كانت البداية خلال الأسبوع الفائت عندما اتفقت الولايات المتحدة وروسيا فيما بينهما على وثيقة تدعو إلى تقليص الأسلحة النووية. ونهار أمس أعلنت الإدارة الأميركية وثيقة تتعلق بسياستها الشاملة إزاء موضوع الأسلحة النووية، وتشمل ضمن أشياء أخرى، تخفيض مكانة السلاح النووي في سلم أولويات الأمن القومي الأميركي. ومن المتوقع أن يصل أوباما، غداً الخميس، إلى براغ كي يوقّع مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف اتفاق تقليص الأسلحة النووية.
· وسيكون مؤتمر القمة النووية الدولية، الذي سيعقد في الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، الحدث المركزي في محاولة أوباما تجنيد تأييد دولي لجدول أعماله النووي. وبناء على ذلك، من الصعب تصديق أن في إمكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، السماح لنفسه بالتغيب عن مؤتمر القمة هذا، ولا سيما أن إسرائيل يُنظر إليها، في العالم أجمع، باعتبارها دولة نووية.
· إن الهدف الذي يتطلع أوباما إلى تحقيقه من وراء مؤتمر القمة هذا، هو إقامة فريق دولي على مستوى رؤساء الدول يتولى مهمات مناقشة جدول الأعمال النووي العالمي. وعلى الرغم من أن المؤتمر لن يعالج الموضوع الإيراني بصورة مباشرة، إلا إن هذا الموضوع سيكون مركزياً في المحادثات غير الرسمية التي ستجري بين الزعماء. من ناحية أخرى، فإن المؤتمر لن يتناول، بصورة رسمية، الموضوع النووي الإسرائيلي، لكن يمكن الافتراض أن زعماء بعض الدول سيقومون بتوجيه سؤال إلى رئيس الحكومة نتنياهو، عن ضرورة سياسة الغموض النووية الإسرائيلية.
· مهما يكن، فإن الأمر المؤكد هو أن سياسة الغموض النووية الإسرائيلية ستصبح عرضة للهجوم أكثر فأكثر في المستقبل، ذلك بأنه بات يُنظر إلى هذه السياسة باعتبارها غير متلائمة مع قواعد السلوك السياسية في الوقت الحالي، بل ربما يصبح العالم أقل تسامحاً من السابق إزاء هذه السياسة.