إسرائيل والانتخابات الأميركية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       اليوم سيصبح للولايات المتحدة رئيس جديد أو ربما قديم، وسيبدأ سباق إسرائيل من أجل إقناع الرئيس الأميركي بأنها رصيد استراتيجي بالنسبة إلى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. صحيح أن إسرائيل دولة احتلال، وذات صبغة عنصرية، ولا تفرق، مثل الدول المجاورة لها، بين الدين والدولة، إلاّ إنها على الرغم من ذلك دولة تجري فيها انتخابات حرة مثل مصر، ولديها صناعة تكنولوجية فائقة التطور مثل الهند.

·       وعلى الأرجح سيكون الرئيس الأميركي المنتخب، مثل كل رئيس جديد، مطالَباً بتقديم حلوله للحرب في أفغانستان، وبإدانة المذبحة في سورية، وبالتقرب من الملك السعودي، وبتأنيب الصين بسبب عدم احترامها لحقوق الإنسان، وبتهديد إيران، وبإعلان التحالف الأبدي مع إسرائيل. وسوف يعتقد كثيرون من السذج في إسرائيل أن الإدارة الأميركية الجديدة ستقوم بشيء ما من أجل عملية السلام التي تحولت منذ زمن بعيد إلى موضوع ثانوي في السياسة الخارجية الإسرائيلية، وسوف يطالب هؤلاء الولايات المتحدة بالتدخل من جديد، وإظهار مزيد من الإصرار، ودعوة الطرفين إلى واشنطن، ومرة أخرى ستتمسك واشنطن بعدم رغبتها في التدخل في المسائل الداخلية لدولة ديمقراطية.

·       هنا يكمن الخلل في سياسة الولايات المتحدة. ففي أماكن أخرى من العالم لم تتردد أميركا في التدخل ولا في استخدام القوة من أجل إسقاط أنظمة، مثلما حدث في العراق وفي أفغانستان. كما لم تتردد في تعليق مساعداتها بسبب عدم احترام حرية الأديان، مثلما حدث في مصر، وفي تقليص المساعدات التي تقدمها للفلسطينيين لأنهم تجرأوا وطالبوا باعتراف الأمم المتحدة، كما لم تتردد في فرض عقوبات على دول سيئة، مثل السودان.

·       تقسّم واشنطن العالم إلى أربعة محاور سياسية: محور "دول المنتدى"، ويتضمن دول أوروبا والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن؛ محور "الدول الخاملة" ويشمل أغلبية الدول الإفريقية؛ محور "الدول المعاقبة" حيث تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل ما يحلو لها؛ محور "الدول المهذبة" مثل السعودية وقطر والكويت والأردن ويمكن أن نضيف إليها أيضاً تركيا وإسرائيل. فبالنسبة إلى الولايات المتحدة يجب عدم التدخل في المسائل الداخلية لهذه الدول.

·       لقد تحولت إسرائيل بسبب القوة الانتخابية التي يملكها اليهود في الولايات المتحدة إلى جزء من محور "الدول المهذبة"، وهذا ما استوجب عدم إهانتها أو التدخل في شؤونها، ولولا الصوت اليهودي لكانت انضمت منذ وقت طويل إلى قائمة الدول التي تعرقل المصالح الأميركية في الشرق الأوسط. فإسرائيل، التي دفعت الإدارة الأميركية إلى جعل سياستها الإقليمية تتلاءم مع رغباتها، مقتنعة بأن هذا الخط سيستمر أيضاً في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، وربما تكون على حق، ذلك بأنها نجحت حتى الآن في إقناع الإدارات الأميركية بأن المشكلة الفلسطينية هي موضوع إسرائيلي داخلي يجب عدم التدخل فيه. لكن المشكلة ستبدأ عندما تنتقل إسرائيل من محور "الدول المهذبة" إلى محور "الدول الخاملة" ومن هناك الى محور "الدول المعاقبة".