من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· بنيامين نتنياهو ماذا تنتظر؟ لقد قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في حديثه إلى التلفزيون الإسرائيلي أنه مستعد للعودة كسائح إلى مسقط رأسه صفد. وفي الواقع يمكن اعتبار كلامه هذا أهم تنازل صريح عن "حق العودة" قد يقوم به زعيم عربي في زمننا الحاضر قبل البدء بالمفاوضات. فماذا تنتظر أكثر من ذلك؟
· صحيح أن عباس لم يقل صراحة أنه يتنازل عن "حق العودة"، وأنه سارع إلى الإعراب عن تحفظه، موضحاً في مقابلة معه باللغة العربية أنه كان يعبر عن رأيه الشخصي، وأنه لا يحق لأحد التنازل عن "حق العودة"، لكننا تعودنا على هذا السلوك الفلسطيني: خطوة بالإنكليزية إلى الأمام، وخطوتان بالعربية إلى الوراء.
· وعلى الرغم من ذلك فإن موقف عباس حمل شيئاً جديداً رمزياً، وكان فيه صدى مختلف عن الصراخ وتبادل الاتهامات بين الطرفين، وطرح خطاً يستوجب اهتماماً مختلفاً ورداً خلاقاً. ومع هذا كله لم ترد أنت عليه، وهذا أمر مخجل حقاً.
· يتعين علي أن أذكرك يا سيد نتنياهو أنك قد انتُخبت كي تمثل إسرائيل، وكي تستغل مثل هذه الفرص النادرة لإنقاذ بلدك من النفق المسدود الذي هو فيه منذ عقود.
· سيدي رئيس الحكومة، لا بد من أنك تدرك المغزى العميق لهذه الكلمات المتلعثمة التي قالها زعيم الشعب الفلسطيني علناً. وطبعاً يمكنك أن تقدر، على الرغم من العداء والشك اللذين بينك وبينه، مغزى قول رجل مثل محمود عباس ولد في صفد وأمضى حياته في شوق إلى العودة إليها، أنه تنازل عن حلمه هذا. قد يكون في إمكانك أن تفسر كلامه هذا بأنه تلاعب بالمشاعر، لكنك تعلم في قرارة نفسك، وبصفتك زعيماً يتعرض لضغط المتطرفين والمتشددين، مدى الشجاعة التي تمتع بها عباس كي يقول ما قاله، على الرغم من علمه بأنه سيدفع الثمن.
· لقد كان ردك مقتضباً على كلام عباس في مستهل جلسة الحكومة، وقلت إنه إذا أراد الفلسطينيون التحاور فإن الطريق إلى المفاوضات مفتوحة لكن من دون شروط مسبقة. ويذكرني هذا الرد بما قاله موشيه دايان بعد حرب الأيام الستة [حزيران/يونيو1967] "نحن في انتظار مكالمة هاتفية من حسين وعبد الناصر"، لكن المكالمة لم تأت، وبدلاً منها وقعت حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973].
· سيد نتنياهو، إذا واصلنا الانتظار فستحدث كارثة. حتى الآن لا يزال الفلسطينيون صامتين، فمرور 45 عاماً من الاحتلال أدى إلى سحقهم وشرذمتهم وإسكاتهم، الأمر الذي زاد في لامبالاة إسرائيل وأدى إلى الاعتقاد الواهم أن هذا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.
· عندما تنشب المواجهة المقبلة مع الفلسطينيين، هل تستطيع أن تقول لنا بصراحة أنك فعلت كل ما في وسعك لمنع حدوثها؟
· ربما تعتقد اليوم أن الزمن هو زمن انتخابات، وأن الوقت غير ملائم لإثارة القلاقل، وأن كل خطوة في تجاه الفلسطينيين قد تسيء إلى التأييد العارم الذي يحظى به اليمين. لكنك تدرك، بحكم حنكتك السياسية، وجود مبررات عملية ودعائية قوية تدعم عودتك إلى المفاوضات مع الفلسطينيين الآن تحديداً.
· لن أدخل في نقاش معك بشأن هذه المبررات، فمثل هذا النقاش يجب أن يجري على مستوى آخر وفي مكان آخر. إن المطلوب اليوم أن تتصرف كزعيم لا كرجل سياسي، وعليك أن تعترف بأن محمود عباس هو الزعيم الفلسطيني الأخير الذي يمكن أن يعلن عدم سماحه بنشوب انتفاضة ثالثة، وأن كلامه هذا، على الرغم من التحفظات التي أبداها فيما بعد، يشكل ربما الفرصة الأخيرة للبدء بالمسار الذي سينقذ إسرائيل من الخطأ الذي تغرق فيه منذ أجيال.