أوباما أفضل بالنسبة إلى إسرائيل
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

·       إن فوز أوباما أو رومني في الانتخابات الرئاسية الأميركية لن يكون له تأثير كبير علينا نظراً إلى التزام المرشحين العميق بدولة إسرائيل وبشعبها. لكن مع ذلك يبدو لي أن مصلحة إسرائيل في المرحلة الراهنة تقتضي أن يفوز أوباما بولاية ثانية لا أن يفوز رومني.

·       مما لا شك فيه أن الرئيس الأميركي في ولايته الثانية سيكون أقل تأثراً بالصوت اليهودي مما كان عليه في ولايته الأولى. لكن هذا الأمر ينطبق بصورة خاصة على الرؤساء الجمهوريين الذين يهمهم جداً الصوت اليهودي، أما بالنسبة إلى الرئيس الديمقراطي فهو سيحاول ألاّ يخسر تأييد الأغلبية اليهودية التقليدي للحزب الديمقراطي، وهذا ما سيفعله أوباما في حال فوزه يوم الثلاثاء المقبل بولاية جديدة. لذا فمن المرجح أن تتأثر سياسته في الشرق الأوسط تأثراً كبيراً بمواقف يهود الولايات المتحدة المؤيدين للحزب الديمقراطي.

·       من خلال تجربتي كمراسل للصحيفة في الولايات المتحدة تكوّن لدي انطباع بأن الرئيس الذي يملك خبرة هو أفضل بالنسبة إلى إسرائيل من رئيس حديث العهد ولا خبرة لديه. صحيح أن أوباما ارتكب أخطاء فادحة في معالجته للموضوعات الشرق أوسطية خلال فترة ولايته الأولى، لكنه استخلص وإدارته الدروس من ذلك وطبقها بنجاح على كيفية تصرفه تجاه إيران، وعلى معالجته للأزمات الناجمة عن "الربيع العربي"، وعلى الموضوع الفلسطيني.

·       في المقابل يبدو رومني قليل التجربة على الصعيد الدولي والشرق أوسطي، وقد يمر وقت طويل قبل أن يتعلم وإدارته كيفية مواجهة الحيل الإيرانية، واللغة المزدوجة التي يستخدمها السعوديون، والمطامع العثمانية الجديدة لأردوغان. ومن المنتظر في حال فاز رومني أن يعين في إدارته مسؤولين كباراً عملوا مع إدارة بوش الابن، وهذا لا يصب تماماً في مصلحة إسرائيل، فسياسة الرئيس بوش في الشرق الأوسط جعلتنا نخسر ثمانية أعوام ثمينة من الصراع ضد المشروع النووي الإيراني، ضيعها بوش على الحرب ضد العراق. كما ساهمت إدارة بوش مساهمة كبيرة في سيطرة حركة "حماس" على غزة وفي تهديد الحركة بالسيطرة أيضاً على الضفة.

·       تدل التجربة على أن دعم أغلبية الجالية اليهودية في الولايات المتحدة التقليدي للديمقراطيين، يجعل الإدارات الجمهورية أقل تأثراً بما تريده إسرائيل، والدليل على ذلك عدم موافقة بوش الابن على بيع إسرائيل منظومات عسكرية تسمح لها بمهاجمة إيران، في حين باعنا أوباما منظومات السلاح الجوي المطلوبة.

·       ويمكن القول إنه بعد مرور عامين أوثلاثة من وجود رومني في البيت الأبيض فإن سياسته في الشرق الأوسط لن تكون مختلفة كثيراً عن سياسة أوباما، باستثناء تلك المتعلقة بالموضوع الفلسطيني، ذلك بأن كل زعيم أميركي سيتصرف في النهاية وفقاً للمصالح الأميركية. ومن المحتمل أن تكون سياسة رومني تجاه طهران أقل تشدداً من سياسة أوباما الذي تعهد بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي. صحيح أن رومني قال كلاماً مشابهاً عن إيران خلال حملته الانتخابية، لكن ثمة فارقاً بين الكلام الانتخابي وبين التصريحات الرئاسية الرسمية، إذ يبدو تهديد أوباما جديراً بالثقة أكثر لأنه سبق أن نجح في استخدام القوة العسكرية.

·       إن المساعدة العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل تشكل عنصراً من مجمل المساعدة الأميركية العسكرية للدولة اليهودية، لكنها ليست العنصر الأهم. ذلك بأن العنصر الأكثر أهمية بالنسبة إلى إسرائيل وسكانها هو الحلف غير المكتوب بين الشعب الأميركي وبين الشعب في إسرائيل، والذي يشكل الأساس الذي تقوم عليه السياسة الخارجية لواشنطن التي تتصدى بنجاعة لكل مساعي نزع الشرعية عن إسرائيل على الساحة الدولية. فمن دون "القبة الحديدية السياسية" التي قدمتها لنا الولايات المتحدة، كنا لنصبح اليوم عرضة لفرض عقوبات دولية علينا بسبب الاستيطان في المناطق، ولتضررت قدرتنا على استخدام القوة العسكرية في الدفاع عن أنفسنا.

·       إن هذا الحلف غير المكتوب بين الشعب الأميركي والشعب الإسرائيلي لا يتأثر بمشاعر الحب والكراهية بين الزعماء والإدارات، ما دام العالم الغربي ينظر إلينا كدولة ديمقراطية حقيقية. من هنا علينا ألاّ نعطي أهمية كبيرة للكراهية الشخصية بين نتنياهو وأوباما، والناتجة عن التدخل الفظ لرئيس الحكومة الإسرائيلية لمصلحة المرشح الجمهوري ميت رومني في الانتخابات، فبالنسبة إلى العلاقات الواقعية بين إسرائيل والولايات المتحدة ليس هناك فرق كبير بين سياسة أوباما وبين سياسة رومني.

·       في الإجمال يجب أن نعترف بأن الرئيس الأميركي الجيد بالنسبة إلى الولايات المتحدة هو جيد أيضاً بالنسبة إلى إسرائيل. ولذا يجب أن يكون همنا أن ينقذ الرئيس الجديد الولايات المتحدة من الأزمة الاقتصادية، وأن يعزز موقعها السياسي في الشرق الوسط بعد الضعف الكبير الذي ألم به. ويبدو أن حظوظ نجاح أوباما على هذا الصعيد أكبر من حظوظ رومني، إذ لدى أوباما خطة لإنقاذ الاقتصاد الأميركي وللإصلاح الاجتماعي ولترميم البنى التحتية، وقد بدأ بتطبيقها بنجاح نسبي. في حين لم يقدم رومني حتى الآن خطة اقتصادية، وإنما عرض سلسلة مبادىء تتوافق مع أيديولوجيا الحزب الجمهوري التي تحمل اسم "قوة السوق".

·       وما ينطبق على الاقتصاد ينطبق أيضاً على السياسة الشرق أوسطية. فقد فرض أوباما عقوبات استثنائية على إيران، وكبح مصر، ويعالج بصورة جيدة الأزمة في سورية. في المقابل فإن كل ما صدر عن رومني هو شعارات فارغة، باستثناء ما يتعلق بالمسألة الفلسطينية، إذ يبدو أن رومني سيحاول دفن هذه المسألة، الأمر الذي ينسجم مع سياسة بيبي وليبرمان وشيلدون أدلسن [من كبار رجال الأعمال الأميركيين الداعمين لرومني]، وخصوصاً أن ما قاله عن الموضوع الفلسطيني سيقضي على حظوظ التوصل إلى تسوية دائمة أو حتى إلى تسوية موقتة للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. في المقابل سيحاول أوباما القيام بمحاولة حذرة من أجل كسر الجمود السياسي والدفع نحو تسوية تحول دون قيام دولة ثنائية القومية بين النهر والبحر. ولهذا السبب فإن أوباما أفضل من رومني.