· تتزايد في الآونة الأخيرة داخل صفوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الأصوات التي تحذر من مغبة التعرض لضربة مفاجئة في منطقة الحدود مع لبنان في وقت غير مريح بالنسبة إلى إسرائيل، في حال عدم إنعاش قوة الردع الإسرائيلية في مقابل حزب الله. ومع أن هذه الأصوات هي نفس الأصوات التي تعارض بحزم شن هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، إلاّ إن ثمة أساساً قوياً للادعاء بأن الردع الذي حققته إسرائيل في مقابل حزب الله في إثر حرب لبنان الثانية [في صيف 2006] قد تأكـل. ولعل آخر دليل على تأكل قوة الردع الإسرائيلية كامن في سلوك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي بدأ في الفترة القليلة الفائتة يكثر من ظهوره العلني كما لو أنه لم يعد خائفاً من ذراع إسرائيل الطويلة.
· في الوقت نفسه فإنه منذ أكثر من عام يقوم نشيطو حزب الله بمحاولات تنفيذ عمليات مسلحة ضد إسرائيل وسكانها في أنحاء متعددة من العالم وفي منطقتنا، من دون أن يدفع الحزب أي ثمن باهظ في مقابل ذلك. وقد بات واضحاً الآن أن حزب الله هو الذي يتحمل المسؤولية عن إطلاق الصواريخ على المنطقة الشمالية في تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، وعن العمليات المسلحة في كل من بلغاريا وقبرص وتايلند، وعن محاولات تهريب أسلحة عن طريق أحد المواطنين من عرب إسرائيل، وعن إرسال طائرة الاستطلاع من دون طيار التي اخترقت الأجواء الإقليمية الإسرائيلية. وليس من المبالغة القول إن الحزب ينفذ أوامر إيران.
· إن التقديرات السائدة في إسرائيل التي تؤكد أن حزب الله قد ضعف بسبب انهيار نظام بشار الأسد في سورية صحيحة لكن بصورة جزئية فقط. فقد حاولت عناصر من لبنان مؤخراً أن تواجه حزب الله، غير أن هذا الحزب سارع إلى تمرير رسالة إلى هذه العناصر من خلال اغتيال العميد وسام الحسن، أحد أبرز قادة جهاز الأمن اللبناني.
· وما يمكن ملاحظته هو أن هناك خلافات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فيما إذا كان يتعين على إسرائيل أن تبادر الآن إلى مهاجمة حزب الله من أجل تعزيز قوة الردع الإسرائيلية، أم أنه يتعين عليها أن تهاجمه فقط في حال امتلاكه أسلحة من ترسانة الأسلحة السورية من شأنها أن تخل بميزان القوى بينه وبين الجيش الإسرائيلي، على غرار الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات، أو صواريخ سكود طويلة المدى. ولا بد من القول إن أسلحة كهذه أصبحت موجودة في حيازة حزب الله، ولذا فإن التقدير الصحيح الآن هو أن إسرائيل ستشن هجوماً على حزب الله فقط في حال امتلاكه أسلحة دمار شامل، حتى لو تطلب الأمر خوض مواجهة عسكرية شاملة مع لبنان كله.