......
· في الأسبوع الماضي حظيت غزة بزيارة لأول رئيس دولة عربية. وليس المقصود هنا الرئيس المصري الجديد، وإنما أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس أغنى دولة في العالم من حيث دخل الفرد. ولقد تعهد الرئيس القطري في زيارته تقديم مساعدة تقدر بنصف مليار دولار لغزة، الأمر الذي أغضب محمود عباس وقيادة "فتح" ومصر وتركيا، وحتى محمود أحمدي نجاد.
· من جهتها سارعت إسرائيل إلى إبداء تحفظها الرسمي على الزيارة، إذ اعتبرتها بمثابة اعتراف رسمي بحكومة "حماس" في غزة، قبل أن تعترف هذه الأخيرة بإسرائيل وبالاتفاقات المعقودة معها وتتعهد بوقف الإرهاب.
· لكن وعلى الرغم من ذلك، لا يمكننا أن نتجاهل الاحتمالات الإيجابية التي تنطوي عليها هذه الزيارة غير المتوقعة لأمير قطر وزوجته الشيخة موزة، بالإضافة إلى التطورات التي ستنشأ عنها في حال صح الحديث عن انتقال غزة من الارتباط بإيران إلى الارتباط بقطر. فالأمير القطري المستعد لتوظيف هذا الكم من المال في أعمال البناء في قطاع غزة، ليس في مصلحته تعريض هذا كله للخطر عبر نشوب جولة عسكرية جديدة بين الجيش الإسرائيلي وميليشيا "حماس".
· وتجدر الإشارة هنا إلى أن حمد بن خليفة آل ثاني هو شخصية استثنائية بين الزعامات العربية، ناهيك عن أن الموارد المالية غير المحدودة المتوفرة لديه تسمح له بأن يفعل ما يشاء... ومن ميزاته الأساسيه البراغماتية، والثقة بالنفس، والتعبير بحرية عن مواقفه، والقيام بخطوات لا يجرؤ الآخرون على القيام بها. فهو قادر على استضافة كبار المسؤولين الإسرائيليين علناً وفي الوقت نفسه استضافة خالد مشعل، وعلى أن يكون صديقاً مقرباً من بشار الأسد وأن يقف فيما بعد ضده عندما يتضح له أن الأسد تجاوز الحدود.
· إن الاهتمام الذي يوليه أمير قطر لتأدية دور الوسيط يجعله قادراً على المساعدة في التوصل إلى تفاهمات بعيدة المدى مع حكومة هنية في غزة، تتعهد فيها "حماس" بالتصدي بصورة فعالة لإطلاق الصواريخ من غزة من جانب التنظيمات الأخرى.
· في حال قامت بعد الانتخابات في إسرائيل حكومة ترغب في الدفع قدماً بالعملية السياسية، فإن في إمكان أمير قطر أن يلعب دوراً في العودة إلى طرح مبادرة السلام العربية [التي تعود إلى سنة 2003]، التي من الصعب على أغلبية القادة العرب رفضها.