على نتنياهو إدراك أن السياسة الأميركية تغيّرت كثيراً
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·       عندما بدأ بنيامين نتنياهو ولايته الحالية في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، فإنه أدرج إيران في رأس جدول أعماله. وفي إحدى المناسبات، وُجّه إليه السؤال التالي: ما الذي يحدث لو اقترحت إدارة [الرئيس الأميركي] باراك أوباما صفقة سياسية فحواها إيران في مقابل فلسطين، أي شن هجوم عسكري أميركي على إيران في مقابل قيام إسرائيل بتقديم تنازلات بعيدة المدى في الساحة الفلسطينية؟ وقد أجاب نتنياهو: أنا على استعداد لتقديم الكثير جداً ـ جداً، في مقابل إيران.

·       لقد مرّ عام واحد على أقوال نتنياهو هذه، لكن ما يتبين الآن هو أن إيران تقدمت إلى الأمام كثيراً جداً [في طريق تطوير برنامجها النووي]، في حين أننا تراجعنا إلى الوراء كثيراً. صحيح أن الأميركيين لم يعرضوا حتى الآن صفقة، على غرار الصفقة المذكورة أعلاه، إلا إنهم يمارسون ضغوطاً كبيرة على إسرائيل كي تقدّم تنازلات [للفلسطينيين] تسهّل انسحابهم من العراق وأفغانستان. وعلى ما يبدو، فإن أوباما يبحث عن سياسة خارجية أميركية جديدة، لكن نتنياهو يشكل العقبة التي تقف في طريقه، أما رئيس الحكومة نفسه فإنه لا يملك سياسة خارجية واضحة.

·       لا شك في أن الساسة والرأي العام في إسرائيل سينقسمون، في غضون الأيام القريبة المقبلة، إلى معسكرين: معسكر المؤيدين للولايات المتحدة، والذي سيحمّل نتنياهو وزر الأزمة مع الإدارة الأميركية، ومعسكر المؤيدين لرئيس الحكومة، الذي سيحمّل أوباما هذا الوزر. كما أن المعسكر الثاني سيتهم الأول بخيانة مصالح إسرائيل الوطنية.

·       وإزاء ذلك، فإنني أقترح أن نهدئ من روعنا قليلاً، ذلك بأن الأزمة الحالية بين إسرائيل والولايات المتحدة لا تعتبر نهاية العالم، ومع ذلك، فإنها تنطوي على بضعة دروس مهمة يمكن الاستفادة منها.

·       لعل الدرس الأهم هو أن زيارة نتنياهو لواشنطن كانت أشبه بوقائع فشل معلن. وكان يتعين عليه إدراك أن اللوبي الأقوى نفوذاً في الولايات المتحدة، أي اللوبي العسكري، يمارس ضغوطاً كبيرة من أجل تلقين رئيس الحكومة الإسرائيلية درساً في البيت الأبيض.

·       كما تعين على نتنياهو إدراك أن التصفيق الحادّ الذي حظي به في مؤتمر منظمة إيباك، في كل مرة ذكر فيها القدس الموحدة، باعتبارها عاصمتنا الأبدية، يُعدّ في نظر البيت الأبيض بمثابة صفعة موجهة إلى كبار المسؤولين الأميركيين. من ناحية أخرى، فإن ما يسمى بـ "أزمة بايدن" [في إثر المصادقة على أعمال بناء إسرائيلية جديدة في القدس الشرقية في أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، لإسرائيل] لم تنته بعد، فضلاً عن أن انتصار أوباما في إقرار قانون الضمان الصحي سيترجم إلى عرض عضلات في الساحة الدولية. غير أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يكن مقتنعاً بواقع الحال هذا.

 

·       إن المواجهة الحالية بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية تتعلق بحرية نشاط إسرائيل في المناطق المحتلة منذ سنة 1967، بما فيها القدس الشرقية، وذلك في ضوء تجميد المفاوضات [الإسرائيلية ـ الفلسطينية]. غير أن نتنياهو ما زال يصرّ على الادعاء أنه يفعل ما فعله أسلافه كلهم، من دون أن يدرك أن السياسة الأميركية تغيّرت كثيراً، وأن إدارة أوباما ماضية قدماً في مسار إعادة تقويم علاقاتها مع إسرائيل. ولا شك في أن الدلالات المترتبة على هذا المسار ستكون خطرة من الناحية السياسية وكارثية من الناحية الأمنية.