الأزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

يعقد طاقم الوزراء السبعة اجتماعاً ظهر اليوم [الجمعة]، في مكتب رئيس الحكومة في القدس من أجل بلورة موقف موحد من التفاهمات المكتوبة التي انكب على وضعها مستشارو نتنياهو مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض. ويبدو في المرحلة الحالية أن الاحتمال ضعيف في أن يكون موقف الطاقم قريباً من المطالب الأميركية. وفي تقدير موظف كبير في ديوان نتنياهو فإن النقاش ربما يتطلب اجتماعين أو ثلاثة من أجل التوصل إلى إجماع على المطالب الأميركية.

ويتخوف نتنياهو من المعارضة الحادة لـ"اليمين" في طاقم الوزراء السبعة التي يقودها وزير الخارجية ليبرمان الذي يعارض تقديم أي تنازل في موضوع القدس، أو أي مبادرات حسن نية جديدة للفلسطينيين. كما يتمسك الوزراء إيلي يشاي، وبـِني بيغن، وموشيه يعلون بمواقف مشابهة. وسيحاول وزير الدفاع الذي أدى دوراً مهماً في التخفيف من حدة الأزمة مع الولايات المتحدة، أن يشرح لهؤلاء أن أمن إسرائيل مرتبط إلى حد بعيد بمدى التعاون مع إدارة أوباما في الموضوع الفلسطيني.

وعلى الرغم من محاولات ديوان نتنياهو والبيت الأبيض الحديث عن تقدم في الاتصالات بين الطرفين، فإن الأزمة بين رئيس الحكومة وبين الرئيس الأميركي أكثر عمقاً، وتعود في أساسها إلى شعور أوباما بأن نتنياهو ليس شريكاً موثوقاً به لتحقيق تقدم في المفاوضات.

وحاول نتنياهو طوال زيارته لواشنطن الإيحاء بأن الخلاف مع الإدارة الأميركية يتمحور حول مشكلة البناء في القدس الشرقية، ظناً منه أن هذه المشكلة تحظى بتأييد أغلبية الرأي العام الإسرائيلي، وفي أوساط يهود الولايات المتحدة وداخل الكونغرس. لكن بعكس ما يدّعي نتنياهو، فإن المطالب التي عرضها الرئيس أوباما في البيت الأبيض تجاوزت كثيراً موضوع القدس، وتضمنت مطالب جديدة نقلتها وزيرة الخارجية الأميركية قبل أسبوعين. فأوباما يريد من نتنياهو القيام بمبادرات حسن نية إسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية، مثل إطلاق أسرى، ونقل مناطق جديدة إلى السيطرة الأمنية الفلسطينية. كما يريد الحصول منه على توضيحات بشأن سياسة البناء في الضفة الغربية بعد انتهاء فترة التجميد في أيلول/ سبتمبر المقبل، وتوضيحات أخرى بشأن استعداده لمراقبة البناء في القدس الشرقية، وكذلك مدى استعداده للالتزام بقيود في هذا الموضوع. بالإضافة إلى ذلك، أراد أوباما أن يفهم من نتنياهو مدى جدية نياته إزاء التسوية السلمية مع الفلسطينيين، ومعرفة تفصيلات موقفه من المطالبة الفلسطينية بالانسحاب إلى حدود 1967، والحصول منه على الالتزام بإجراء المفاوضات خلال جدول زمني مدته عامان.

وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (26/3/2010) نقلت عن مصادر فلسطينية أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل نقل بعض المناطق منذ الآن إلى السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية، وأنها طالبت نتنياهو بتطبيق تفاهمات سابقة تقضي بنقل مناطق تُعتبر اليوم ضمن مناطق ب و ج إلى مناطق أ الخاضعة للسيطرة الفلسطينية. وبحسب المصادر، فإنه من المفترض أن تشمل هذه المناطق ضواحي القدس، وتحديداً بلدة أبو ديس الواقعة اليوم ضمن منطقة ج.

وأضافت الصحيفة: "يبدو أن المعادلة الإيرانية عادت لتلقي بظلها على قرارت القدس. ووفقاً لمصادر عربية، فإن المطالب التي عرضها الأميركيون على نتنياهو، تضمنت العمل على استئناف مفاوضات السلام مع سورية، وذلك كجزء من محاولة الدفع بالعملية السياسية الشاملة في المنطقة إلى الأمام، الأمر الذي سيساعد في تحييد إيران، وبلورة ائتلاف عربي واسع ضد الإيرانيين. والتقدير في السلطة الفلسطينية هو أن الأميركيين قرروا وضع نتنياهو أمام المعادلة التي تبنوها في بداية ولاية الرئيس أوباما والمعروفة باسم 'بوشاهر في مقابل يتسهار'، لكن الثمن هذه المرة لن يكون المستوطنات المعزولة مثل يتسهار، وإنما الالتزام بوقف البناء في المناطق التي ضمتها إسرائيل. ولا تزال القدس حتى الآن، ترفض الاستجابة لهذه المطالب".

وكانت الصحيفة أشارت في خبر آخر لها إلى أن نتنياهو، وفي ذروة الأزمة، اتصل بوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي نصحه بعدم الموافقة على المطالب الأميركية، وبالعودة إلى إسرائيل للتشاور. وعلمت الصحيفة أن ليبرمان نصحه بعدم توقيع أي وثيقة تفاهم مع الأميركيين، وعدم اتخاذ أي موقف تحت الضغط، والعودة إلى إسرائيل والعمل مع كبار وزرائه على بلورة وثيقة تردم الثغرات مع الأميركيين.

[مواقف اليمين]

وكانت "يديعوت أحرونوت" نقلت أمس في خبر آخر لها، دعم وزراء اليمين لرئيس الحكومة. فقد صرّح وزير العلوم والتكنولوجيا دانييل هيرشكوفيتس (البيت اليهودي ـ المفدال) للصحيفة: "لا أريد التخاصم مع صديقة كبيرة، لكننا مسؤولون تجاه شعب إسرائيل، كما أننا دولة مستقلة، ولسنا تابعين للأميركيين". وبعد ثنائه على نتنياهو قال: "لسنا حكومة يسارية، والبناء في القدس يحظى بإجماع وطني. هذه المدينة هي عاصمة شعب إسرائيل". وقال نائب رئيس الحكومة سيلفان شالوم (ليكود) إن المبالغة في الضغط الأميركي ربما تؤدي إلى رد غير مرغوب، وأضاف: "يجب بذل كل شيء من أجل التوصل إلى تفاهم، لكن على الولايات المتحدة أن تدرك أنه في حال استمر الضغط على طرف واحد، فإن هذا لن ينفع، وإنما سيؤدي إلى نتائج عكسية".

أما وزير الإعلام يولي أيدلشتاين (ليكود) فصرح للصحيفة: "هناك خلافات في وجهات النظر، لكنني لا أعتقد أننا في أزمة عميقة مع الولايات المتحدة، والخلاف معها محدود. وإذا كان هناك خلافات في الرأي فهي تتعلق بالشروط المسبقة، وبما يبدو وكأنه تعهدات إسرائيلية بصيغة معينة. وهذه الصيغة يرفضها الوزراء كلهم وليس نتنياهو وحده". ورأى أن الحل الوحيد هو التحاور مع الإدارة الأميركية من أجل التوصل إلى اتفاق مقبول من جانب إسرائيل.

[موقف المعارضة]

أما صحيفة "معاريف" (26/3/2010) فتحدثت عن تحول الأزمة العميقة في العلاقات مع الولايات المتحدة إلى عقدة سياسية، وعن احتمالات حدوث تغيير حكومي، وكتبت: "بعد يوم على زيارة الولايات المتحدة، يجد رئيس الحكومة نفسه في مواجهة عقدة سياسية. فالبيت الأبيض يطلب منه قرارت حاسمة ذات انعكاسات سياسية، وكل تقدم في العملية السياسية سيزعزع استقرار الحكومة الحالية ويهدد بفرطها. من هنا، فإن التقدير السائد لدى القيادة السياسية هو أن نتنياهو سيضطر إلى اتخاذ قرار حاسم بإخراج الجناح اليميني من الحكومة، وإقامة حكومة اتحاد وطني بإدخال كاديما إلى الائتلاف، أو تشكيل حكومة يمينية ضيقة. وفي حال قرر رئيس الحكومة ضم كاديما، فإن حزب 'إسرائيل بيتنا' سيصبح الحلقة الأضعف. وذكر مسؤولون كبار في كاديما بوضوح، أنهم لن يشاركوا في الحكومة مع اليمين، وأن على نتنياهو أن يختار بين ليبرمان وليفني. وأضاف هؤلاء أنه في حال طلب نتنياهو انضمام ليفني، فإنها ستكرر عليه مطالب كاديما: سياسة واضحة في المفاوضات مع الفلسطينيين؛ مساواة تامة داخل الحكومة؛ تغيير أسلوب الحكم. وأضاف هؤلاء أنه في حال اتضحت جدية نتنياهو تجاه العملية السياسية، فإنهم سيتنازلون عن المداورة في رئاسة الحكومة.

"لكن على الرغم من ذلك، فإن أوساطاً مقربة من زعيمة كاديما تسيبي ليفني، أعربت عن شكوكها الكبيرة في أن يتخلى نتنياهو عن الشراكة مع اليمين، فهو في رأيها اختار ائتلافه، ولقد فهم اليوم مغزى ما قلناه له قبل عام: هذا الائتلاف سيودي بك إلى التهلكة.

وذكرت أوساط مقربة من رئيس الحكومة أنه من المبكر الحديث عن تغييرات في الائتلاف، وأعربت عن أملها بالتوصل إلى تسوية تحافظ على مصالح إسرائيل وعلى الائتلاف الحالي".