نتنياهو جعل التردد جوهراً لزعامتـه
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       يبدو أن الشركاء السياسيين لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مسرورون جداً من ضعفه، ولذا، فإنهم يقومون بنتف ريشه. فها هو ذا [وزير الخارجية] أفيغدور ليبرمان ماض في طريق ركل الأسرة الدولية، و [وزير الداخلية] إيلي يشاي يتولى مهمة إغضاب الرئيس الأميركي باراك أوباما. وبعد مرور عام واحد على تأليف هذه الحكومة، فإن نتنياهو فقد كثيراً من قوته، وبات أشبه بالخائف المحشور في الزاوية.

·       في موازاة ذلك، فإن برامج نتنياهو السياسية اختفت هي أيضاً، إلى درجة أننا لم نعد ندرك ما هي مواقفه، هل هو مؤيد لتجميد الاستيطان [في المناطق المحتلة] أم لاستمرار البناء في المستوطنات؟ هل هو مع شن حرب على إيران أم مع التسليم بالقنبلة النووية الإيرانية؟ هل ما زال يتبنى حل دولتين لشعبين أم أنه مع ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل؟ لقد جعل نتنياهو التردد جوهراً لزعامته.

·       صحيح أن الأزمة الأخيرة مع الولايات المتحدة [في إثر المصادقة على أعمال بناء إسرائيلية جديدة في القدس الشرقية] أبرزت نتنياهو كما لو أنه يقف في مواجهة الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي يعتبر زعيم العالم، إلا إن هذا الأخير يبقى أقوى من رئيس الحكومة كثيراً.

·       من ناحية أخرى، فإنه في ظل انعدام جدول أعمال سياسي محدد، فإن حكومة نتنياهو منشغلة بقضايا هامشية تحاول أن تعرضها باعتبارها "قضايا مصيرية ومهمة".

·       وهنا لا بُد من التذكير بأن نتنياهو انتُخب من أجل تحقيق هدف واحد هو كبح الخطر النووي الإيراني، ولذا، فقد فضل تأليف حكومة مع أحزاب اليمين كي يضمن تأييدها عملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران، كما أنه سرّع التحضيرات العسكرية لعملية كهذه. غير أن النتائج في هذا الشأن لا تزال ضئيلة حتى الآن، في حين أن إيران تغذّ السير نحو القنبلة النووية، وعملية فرض العقوبات القاسية عليها تتقدم بصورة بطيئة للغاية، فضلاً عن أن الأميركيين يطالبون إسرائيل بعدم القيام بهجوم عسكري على إيران. ولم يقرر نتنياهو بعد ما إذا كان سيستجيب لطلب أوباما، أم أنه سيرسل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي لقصف مفاعل نتانز.

·       أمّا فيما يتعلق بالمسار الفلسطيني فإن الجمود ما زال مسيطراً عليه، وربما يكون هذا ما يرغب فيه ناخبو حزب الليكود ونتنياهو نفسه، غير أن رئيس الحكومة سبق أن وعد بتحقيق انطلاقة سياسية عندما أعلن تأييده إقامة دولة فلسطينية، وعندما أقدم على كبح عمليات توسيع المستوطنات، لكنه سرعان ما قام بعد ذلك بخطوات معاكسة تماماً.

 

·       بطبيعة الحال ثمة شركاء آخرون تقع على عاتقهم أيضاً المسؤولية عن هذه الأوضاع كلها، لكن لا بُد من القول إن وظيفة رئيس الحكومة تحتم عليه أخذ زمام المبادرة بنفسه، وعدم الاكتفاء بتوجيه التهم إلى الآخرين. وما زال في إمكان نتنياهو تحقيق أشياء مهمة خلال ثاني عام من ولايته، إذا ما تخلى عن مواقفه المترددة وعن خنوعه المخزي لليبرمان ويشاي وسائر شركائه اليمينيين في الحكومة.