· يصر وزراء الحكومة الإسرائيلية والمسؤولون في الأجهزة الأمنية وكبار ضباط الشرطة، منذ ثلاثة أيام، على القول لنا إن الأحداث الأخيرة في المناطق [المحتلة]، والتي امتدت إلى داخل تخوم الخط الأخضر، ليست انتفاضة ثالثة، وإنما مجرد أعمال شغب أو مواجهات محلية وما شابه ذلك.
· وهم يوضحون لنا أيضاً أن الفلسطينيين ليست لديهم أي مصلحة في إشعال الضفة الغربية في الوقت الحالي. وإذا ما توخينا الدقة، فإنهم يقولون إن حركة "فتح" و[رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس ليس لديهما مصلحة في اندلاع انتفاضة الآن.
· في واقع الأمر، فإن من الصعب معرفة ما إذا كانت الأحداث الأخيرة في المناطق [المحتلة] ستتطور إلى انتفاضة ثالثة، أو ستتراجع، لكن مع ذلك، فإن السؤال المطروح هو: كيف تفسر إسرائيل هذا الواقع، وعلى ماذا يدل هذا التفسير؟
· لا شك في أن أي اعتراف إسرائيلي بأننا على وشك خوض مواجهة كبيرة مع الفلسطينيين ـ انتفاضة أو غيرها ـ من شأنه أن يضطر الحكومة الإسرائيلية إلى القيام بأمرين: أولاً، إجراء دراسة للأسباب التي أدت إلى الوضع الحالي؛ ثانياً، إعداد ردود ملائمة قبل أن نغرق مرة أخرى في بحر من الدم.
· بناء على ذلك، فإن الإصرار الإسرائيلي الرسمي على أن ما يجري هو تحريض تقوم به حركة "حماس"، أو مؤامرة فلسطينية تهدف إلى إشعال النار، يتيح لنا إمكان المرور مرّ الكرام على الأحداث الأخيرة، والعودة إلى الحياة الاعتيادية، أي العودة إلى وشم الضفة الغربية بالبؤر الاستيطانية غير القانونية، ومواجهة الولايات المتحدة والعالم كله في موضوع توسيع المستوطنات، وإقامة مزيد من الأحياء اليهودية في القدس الشرقية والأراضي المحيطة بها، والاستمرار في الادعاء بأعلى صوت أنه لا يوجد شريك فلسطيني للمفاوضات.
· صحيح أنه لا يوجد، في الوقت الراهن، شريك فلسطيني لنا، إلا إن الحكومة الإسرائيلية الحالية تبذل كل ما في وسعها من أجل ضمان عدم وجود شريك كهذا. وفي ضوء ذلك، فإنه حتى لو لم تتطور الأحداث الأخيرة في المناطق [المحتلة] إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة، فإن ذلك لا يعتبر سبباً وجيهاً لأن نكون راضين عن أنفسنا.