· كانت الولايات المتحدة أول دولة في العالم تعترف بدولة إسرائيل لدى إقامتها في سنة 1948. ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، فإن الرصيد السياسي الأهم والأكبر، الذي يتيح للإسرائيليين إمكان استمرار بقاء دولتهم في هذه المنطقة التي يسودها العنف والنزاعات، كامن في العلاقات الخاصة مع أميركا، وفي الدرع الواقي الذي توفره لنا.
· وقد ربحت إسرائيل كثيراً من هذا التقارب بين الدولتين، إذ إنه علاوة على المساعدات الاقتصادية والأمنية الأميركية الهائلة، فإن دولاً كثيرة في العالم تتعاون مع إسرائيل لإدراكها أنها مقرّبة من أميركا. وعندما عرضت إسرائيل تقديم خدمات في مجالات متنوعة في إفريقيا وأميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا، فإن الدول في هذه المناطق تجاوبت معها لأنها كانت تدرك أن وراءها دولة عظمى ومراكز القوة في بلاد العم سام، أي البيت الأبيض والكونغرس والرأي العام الأميركي.
· من المهم تذكّر هذه الوقائع كلها قبل أن نكون متأكدين من أن في إمكاننا فعل أشياء كثيرة بمفردنا. إن الذين يقترحون "عدم الخنوع للإملاءات الأميركية، حتى لو بثمن تقليص نفقاتنا والاكتفاء بالقليل" هم أشخاص عديمو المسؤولية.
· إن ما يجدر تذكير هؤلاء به، من جملة أشياء كثيرة تثبت مدى أهمية الدعم الأميركي في ضمان مصالح إسرائيل السياسية، هو أنه وفقاً لما نُشر في وسائل الإعلام الأجنبية، فإن الأميركيين اكتشفوا، منذ نهاية الستينيات من القرن الفائت، أن إسرائيل نجحت في إقامة مفاعل نووي في ديمونا، وفقط بعد مرور بضعة أعوام، نُشر في وسائل الإعلام نفسها أن الدولتين توصلتا في السبعينيات إلى اتفاق وتفاهمات تتعلق بـ "سياسة الغموض النووي"، والتي بموجبها تقوم الولايات المتحدة بمنع أي مناقشة للبرنامج النووي الإسرائيلي في المحافل الدولية. من ناحية أخرى، فإن الأميركيين يحبطون محاولات متكررة في الأمم المتحدة تهدف إلى جعل إسرائيل دولة معزولة في العالم.
· إن الولايات المتحدة لم تقدم الدعم الكبير لإسرائيل في أوقات الحرب فحسب، بل في إبان السلام أيضاً، ذلك بأن اتفاقيات السلام كلها مع جيراننا تم التوصل إليها بمساعدة منها، وجرى توقيعها في حدائق البيت الأبيض.
· وفي الوقت الحالي، فإن إدارة الرئيس باراك أوباما تبذل جهوداً كبيرة من أجل دفع المفاوضات غير المباشرة [بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية] قدماً، وذلك في إطار الاعتقاد الأميركي التقليدي أنه يجب تقديم المساعدة إلى الإسرائيليين كي يجدوا الطريق من أجل الانفصال عن الفلسطينيين. ولا شك في أن المستوطنات الإسرائيلية، التي تشكل بؤرة النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، باتت موضوعاً رئيسياً في صلب العلاقات المعقدة بين إسرائيل والولايات المتحدة. فضلاً عن ذلك، فإن هذه المستوطنات التي يعتقد الأميركيون أنه يجب تفكيكها، بُنيت بواسطة المساعدات التي سبق أن قدموها إلى إسرائيل.