بدأ المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية اجتماعاً صباح اليوم يُجري فيه مناقشة حاسمة بشأن اتفاق التهدئة في قطاع غزة وإطلاق مئات من الأسرى الفلسطينيين في مقابل إطلاق الجندي غلعاد شاليط الأسير لدى "حماس". وسيتعين على الوزراء الحسم بين مقاربة رئيس الحكومة إيهود أولمرت الذي يطالب بإطلاق شاليط قبل إحراز تقدم في اتفاق التهدئة، وبين مقاربة وزير الدفاع إيهود باراك الذي يعتقد أنه يجب التوصل إلى تهدئة، ومن ثم تسريع المفاوضات المتعلقة بإطلاق شاليط.
وفي واقع الأمر، يؤيد وزير الدفاع المبادرة المصرية التي تقضي بأن يتم أولاً تحقيق تهدئة تشمل فتح معابر قطاع غزة، بنسبة 80% تقريباً، ومن ثم تسريع المفاوضات المتعلقة بإطلاق شاليط. أما رئيس الحكومة فيتبنى موقفاً متشدداً فحواه أن إسرائيل لن تسمح بفتح المعابر والتوصل إلى تسوية مع "حماس" ما دام شاليط في قيد الأسر.
وتقول مصادر مقربة من وزير الدفاع إن مفتاح إطلاق شاليط موجود في يد الرئيس المصري حسني مبارك. ويرى المسؤولون في مكتبه أنه يتعين على إسرائيل تبني الصيغة المصرية للتهدئة، والتي تشمل فتح المعابر، وعندها فقط سيعمل الرئيس المصري بصورة حازمة على إطلاق شاليط.
وعلى هذه الخلفية هاجم رئيس الطاقم السياسي - الأمني في وزارة الدفاع اللواء احتياط عاموس غلعاد، الذي تفاوض مع المصريين بشأن التهدئة، رئيسَ الحكومة أولمرت قائلاً: "لقد تمكنّا حتى الآن من إيجاد رابط بين المعابر وغلعاد. صحيح أنه رابط جزئي، لكنه مهم. لن يحصلوا [قطاع غزة] على أسمنت أو حديد أو مواد كهذه [قبل إطلاق شاليط]... حتى الآن لم يشتغل رئيس الحكومة بهذا الموضوع إطلاقاً. وفجأة ها هو يشترط إطلاق شاليط أولاً. إنني لا أفهم هذا الأمر. إلى أين يقودنا ذلك؟ إلى إهانة المصريين؟ إلى دفعهم إلى نفض أيديهم من هذه القضية؟ ما الذي سنكسبه من ذلك؟"
وبعد التغيير الذي طرأ على موقف رئيس الحكومة في نهاية الأسبوع، يوجه مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع انتقاداً شديداً إلى عملية اتخاذ القرار في القيادة الإسرائيلية ("هآرتس"، 18/2/2009)، فعلى حد قولهم، إن الطرف الإسرائيلي هو المسؤول الأساسي عن عرقلة إتمام الصفقة. وقد أعربوا عن تخوفهم من أنه إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سريعة، فسيتجدد القتال على حدود القطاع على نطاق شامل.
وإذا كانت التقارير تحدثت حتى الآن عن أن مصر هي التي تدير المفاوضات بشأن التهدئة وإطلاق شاليط في آن معاً، فإنه يتبين الآن أن المحادثات بشأن هاتين القضيتين تجري في قناتين منفصلتين تماماً. فالمحادثات المتعلقة بشاليط يديرها، من الجانب الإسرائيلي، مبعوث رئيس الحكومة عوفر ديكل، الذي لا يشتغل بموضوع التهدئة بتاتاً.
وعشية انعقاد جلسة المجلس الوزاري المصغر، تمارس مصر الضغط على إسرائيل كيلا تُفشل التفاهمات المتعلقة بالتهدئة. وقد بعثت الحكومة المصرية برسائل إلى إسرائيل فحواها أنها "لا تفهم معنى التراجع الذي طرأ على الموقف الإسرائيلي".
وسيطلب رئيس الحكومة أولمرت من المجلس الوزاري المصغر أن يعرب عن موقف واضح، لكن يبدو أن الطريق إلى إطلاق شاليط لا تزال طويلة ("يديعوت أحرونوت"، 18/2/2009). فأولمرت لم يدعُ إلى عقد اجتماع للجنة الوزارية التي يرئسها حاييم رامون، والمكلفة تغيير المعايير المتعلقة بالإفراج عن الأسرى بحيث يصبح من الممكن إطلاق 120 - 140 "إرهابياً" فلسطينياً من العيار الثقيل، ممّن وردت أسماؤهم في قائمة "حماس"، علاوة على الـ 230 أسيراً الذين تمت الموافقة عليهم. وفي واقع الأمر، سيتخذ المجلس الوزاري المصغر قراراً يحمل طابع تصريح ستكون مساهمته في دفع المفاوضات على ما يبدو، هامشية.