ماذا سيحدث إذا لم تُفرض عقوبات على إيران؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تواجه إسرائيل اليوم معضلة متمثلة في أنه في حال أدى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتقارير التي تحدثت عن نية إسرائيل مهاجمة إيران، إلى فرض عقوبات جديدة على طهران، فإنه سيكون على إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت ستكتفي بالعقوبات، أم أنها ستجدها غير كافية وستعمد إلى مهاجمة إيران. وفي حال واجهت الأمم المتحدة صعوبة في فرض عقوبات قاسية على إيران بسبب معارضة روسيا والصين، ستجد إسرائيل نفسها في مواجهة معضلة أخرى، إذ إن عدم مهاجمة إيران سيُفقد إسرائيل صدقيتها، ولن يصدق العالم بعد ذلك تهديداتها، أمّا إذا قررت إسرائيل مهاجمة إيران بحجة أن المجتمع الدولي لم يفعل ما ينبغي له أن يفعله في هذا الشأن، فإنها ستحول "المشكلة الإيرانية" إلى مشكلة إسرائيلية، وستعفي المجتمع الدولي من المسؤولية.
  • ويكشف قول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، هذا الأسبوع، إن "قيام دولة إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية هو أهم حدث سياسي في القرن العشرين، ولا أحد منا ينوي التساهل بشأنه" إلى أي حد نجحت إسرائيل في تحويل خطر إيران على العالم إلى خطر على إسرائيل وحدها.
  • لقد ساهم الجدل الإسرائيلي بشأن إيران في تركيز الاهتمام على الخوف من ردة الفعل الإسرائيلية إزاء الخطر النووي الإيراني، بدلاً من التركيز على الخطر نفسه. كذلك حوّل هذا الجدل قضية الرد الإسرائيلي من مشكلة استراتيجية إلى مشكلة منطقية، فبدلاً من أن يكون السؤال هو: هل إسرائيل قادرة على مهاجمة إيران، وهل تعرف كيف تفعل ذلك، وهل هي قادرة على تحمل الرد الإيراني، وما هي الانعكاسات السياسية لهذا كله؟ بات السؤال اليوم هو التالي: هل مهاجمة إيران قرار عاقل، وهل ستتصرف إسرائيل كدولة مجنونة لا تقيم وزناً لنتائج أفعالها؟
  • وبهذه الطريقة ستجد إسرائيل نفسها في الموقع الإيراني، حيث إن السؤال الأساسي يتناول مدى استعداد إيران لتحمل الانهيار الاقتصادي والخسائر الكبيرة في مجال النفط من أجل مواصلة مشروعها النووي. وفي الواقع، فإن المساعي الدولية لفرض عقوبات جديدة على إيران من أجل إقناعها بالعدول عن إنتاج القنبلة تستند إلى الافتراض بأن إيران دولة عقلانية وستستجيب في نهاية الأمر للضغوط وتوقف مشروعها النووي. لكن في حال تبين صحة وجهة النظر الإسرائيلية القائلة إن إيران ليست دولة عقلانية، وإنما هي دولة انتحاريين، فلا فائدة حينئذ من فرض العقوبات لأنها لن تستطيع إقناع المجانين [الإيرانيين] بتغيير سياستهم.
  • ويبرز هنا تناقض المنطق الإسرائيلي، فإذا كان الهدف من الضجيج والتصريحات الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية هو دفع المجتمع الدولي إلى فرض مزيد من العقوبات من أجل لجم "الجنون الإسرائيلي"، فإن هذا يدل على أن إسرائيل ما زالت تعتبر إيران دولة عقلانية قادرة على تغيير توجهاتها نتيجة الضغط الدولي، ويتطلب مثل هذا المنطق من إسرائيل استخدام مجموعة من الخطوات السياسية لا التهديدات العسكرية. ونظراً إلى أن أصدقاء إسرائيل يعارضون الهجوم العسكري، فإن الكلام الإسرائيلي على الخيار العسكري يصبح من دون قيمة.
  • وفي جميع الأحوال فإن إسرائيل وضعت نفسها في وضع دقيق وحده المجتمع الدولي قادر على إخراجها منه، وذلك عبر فرضه عقوبات على إيران، لكن ماذ سيحدث في حال لم يفعل ذلك؟