التصريحات الأميركية الأخيرة ضد إيران ليست مؤشراً على اقتراب العملية العسكرية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      عادت إلى الواجهة، هذا الأسبوع، التكهنات بشأن هجوم عسكري أميركي أو إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران. وبرز ذلك في تصريحين مهمين لشخصيتين أميركيتين كبيرتين، هما: وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتين ديمبسي.

·      فقد قال بانيتا لشبكة التلفزة "سي بي إس" إن إيران قادرة على امتلاك السلاح النووي خلال عام واحد وربما أقل، في حال قررت ذلك، مشدداً على أن بلاده لن تسمح بحدوث هذا الأمر، وأن الاحتمالات كلها مطروحة على الطاولة. أمّا رئيس الأركان، فقد حذر الإيرانيين، في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي إن إن"، من التقدير الخاطئ لمدى إصرار الولايات المتحدة [على رفضها للمشروع النووي الإيراني] الذي قد يؤدي بحسب كلامه إلى "مأساة إقليمية". وأشار ديمبسي إلى أن الولايات المتحدة تتدرب على الخيار العسكري، ولا شيء يؤكد أن إسرائيل ستبلّغ مسبقاً الإدارة الأميركية قرارها مهاجمة إيران.

·      فهل يعنى هذا نقطة تحول في السياسة الأميركية تجاه إيران؟ لقد سارع المسؤولون الكبار في القدس إلى القول إن التغير في الموقف الأميركي هو نتيجة اللقاء الذي جرى بين وزير الدفاع إيهود باراك والرئيس أوباما نهاية الأسبوع الماضي، وأن الأميركيين اقتنعوا بصحة المعلومات الاستخباراتية التي عرضها باراك على أوباما والمتصلة بالخطر الإيراني المباشر، ومن هنا جاءت التصريحات الأميركية الأخيرة.

·      بيد أن باراك نفسه قال هذا الأسبوع إن المرحلة الحالية هي "مرحلة العمل الدبلوماسي والعقوبات الشديدة"، وتباهى بالتأييد الأميركي غير المسبوق لإسرائيل، متوقفاً أمام الاتفاق في الآراء بين الدولتين بشأن الوضع وسبل الحل.

·      لكن الصورة تبدو أقل تفاؤلاً، والإجماع الذي يتحدث عنه وزير الدفاع ليس صلباً كما يدعي. فالانطباع الذي عاد به الإسرائيليون الذين شاركوا في الندوة التي أقامها معهد صبان في واشنطن كان مختلفاً للغاية. إذ عبر هؤلاء عن قلقهم إزاء حجم الخلافات في الآراء بشأن كيفية معالجة الموضوع النووي الإيراني، وهم فهموا من كلام بانيتا، الذي انتهج في الندوة خطاً تشكيكياً، أن اهتمام الإدارة الأميركية اليوم موجه نحو الساحة الداخلية الأميركية.

·      وعلى الرغم من الموقف المتشدد الذي عبر عنه بانيتا هذا الأسبوع، فإن الإدارة الأميركية ما زالت تتخوف من أن يتسبب الهجوم الإسرائيلي على إيران بأزمة نفط، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات، الأمر الذي سيضر بالاقتصاد الأميركي. وحالياً الأمل ضعيف بأن يتخذ أوباما قراراً بالهجوم العسكري على إيران.

·      يعمل كل من بانيتا وديمبسي لدى الرئيس الأميركي الذي يحاول أن يناور بين موعدين مفصليين: من ناحية، لا يزال هناك عام واحد يمكن مهاجمة إيران خلاله، قبل أن ينقل الإيرانيون أغلبية المواد المتوفرة لديهم إلى مراكز محصنة تحت الأرض. ومن ناحية أخرى هناك عشرة أشهر ونصف شهر تفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

·      يحاول أوباما كبح إسرائيل، لكنه لا يريد أن يظهر أمام أنظار يهود الولايات المتحدة بأنه يسيء إلى أمنها، أو أنه يشتبك مباشرة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ومن شبه المؤكد أن ما سمعناه هذا الأسبوع هو محاولة لإظهار الدعم العلني لإسرائيل في المسألة الإيرانية. من هنا، فإن المسافة التي تفصل بين هذا الكلام وبين الدعم الأميركي للهجوم الإسرائيلي على إيران ما زالت طويلة.

* تحتجب النشرة عن الصدور يوم الاثنين 26/12/2011 بمناسبة عيد الميلاد المجيد، ويوم الاثنين 2/01/2012 في عيد رأس السنة الميلادية.