· شكل إعلان الناطق العسكري تشكيل "قيادة العمق" برئاسة اللواء شاي أفيطال، العائد إلى الجيش، ثورة حقيقية. إذ من المنتظر أن يقوم القائد السابق لفرقة "سييرت متكال" بتأليف قيادة تابعة مباشرة لرئيس الأركان وتتألف من نحو 100 شخص، وأن يكون لهذه القيادة دور أساسي في الحرب المقبلة، كما سيتم تكليفها تنفيذ العمليات المشتركة بين مختلف أسلحة الجيش الإسرائيلي في عمق أراضي العدو، وستقوم بتوجيه القوات التي تنفذ هذه العمليات. وقد برزت الحاجة إلى وجود مثل هذه القيادة في ظل الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي، والأوضاع التي قد تنشأ عن ذلك مستقبلاً.
· إن مهمة "قيادة العمق" هي دراسة فرص توجيه ضربة قوية في العمق الاستراتيجي واللوجستي للعدو (في أماكن تبعد أكثر من مئة كيلومتر عن الحدود الإسرائيلية)، وكسر التعادل مع هذا العدو عبر التحرك المتزامن لقوات برية وجوية وبحرية بأعداد كبيرة نسبياً. ويُفترض بهذه القيادة أن تخطط لهذه العمليات وتقدم اقتراحاتها إلى رئيس الأركان، المسؤول المباشر عنها، والذي، في حال موافقته وكبار المسؤولين في هيئة الأركان العليا للجيش على الخطط، سيطلب من قيادة العمق تنفيذها. وبهذه الطريقة يصبح في إمكان قادة المناطق (في الشمال والوسط والجنوب) التركيز على إدارة القتال في الجبهات الواقعة مباشرة تحت قيادتهم.
· أحدثت "قيادة العمق" تغييراً مهماً، فهي بمثابة رد متأخر على التوصيات التي تقدمت بها لجنة فينوغراد التي حققت في حرب لبنان الثانية، والتي لم تحدث تغييراً جذرياً نظراً إلى وجود قيادة في هيئة الأركان العامة مهمتها إدارة العمليات الخاصة التي تشارك فيها وحدات برية كبيرة مهمتها التقدم في عمق أراضي العدو ويتولاها العميد جيل تامير، لكن هذه القيادة موكل إليها إدارة عمليات محدودة تنفذها وحدات للمغاوير صغيرة العدد نسبياً. وعلى الرغم من وجود هذه القيادة منذ عشرات الأعوام إلا إنها لم تُستخدم إلاّ في حالات نادرة لأنه، في الفترة الأخيرة، لم يجر أبداً استخدام القوات البرية بصورة مشتركة مع سلاح الجو وسلاح البحر في عمق أراضي العدو.
لقد كان سلاح الجو هو المكلف القيام بالعمليات المشتركة في عمق أراضي العدو، وخلال حرب لبنان الثانية شعر الجيش الإسرائيلي بالحاجة إلى القيام بعمليات كبيرة في عمق أراضي العدو تستطيع أن تكسر التعادل مع حزب الله. ولهذا الغرض أقام رئيس أركان الجيش آنذاك، دان حالوتس، قيادة للعمليات الخاصة برئاسة طال روسو، الذي يتولى اليوم قيادة المنطقة الجنوبية. وقد نفذ روسو عدداً من العمليات الخاصة خلال حرب لبنان الثانية، لكنها لم تكن عمليات مشتركة بين عدة أسلحة في الجيش، ولم تكن عمليات كبيرة. وفي إثر حرب لبنان الثانية شدد روسو على ضرورة إقامة قيادة العمق، من هنا فإن الاستجابة لمطلبه اليوم تعني أن الجيش يخطط لعمليات تقع في عمق أراضي العدو ويريد أن يعطي أهمية جديدة لمصطلح "الذراع الطويلة" لإسرائيل.