دمشق توضح: رؤساء الحكومات الإسرائيلية كلهم منذ سنة 1991 "تعهدوا بالانسحاب الكامل من الجولان"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

بعد المعلومات الصادرة عن إسرائيل، والتي تحدثت عن استعداد سورية للبدء بالمفاوضات من دون شروط مسبقة، سارعت دمشق إلى توضيح أنها تطالب بتعهد إسرائيلي بالانسحاب الكامل من هضبة الجولان، قبل البدء بالمحادثات غير المباشرة.

ولا يشكل هذا الموقف السوري من موضوع هضبة الجولان مفاجأة، على الرغم من الكلام الذي نُقل عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمام لجنة الخارجية والأمن، والذي قال فيه إن دمشق مستعدة للتفاوض مع إسرائيل من دون شروط مسبقة. وكانت الفترة الأخيرة شهدت مجموعة رسائل بعثت بها دمشق عبر قنوات علنية وسرية، وجاء فيها أنه في حال التزم نتنياهو "إرث أولمرت"، فإن سورية ستكون مستعدة لمعاودة المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها أيام حكومة أولمرت. ووفقاً للسوريين، فإن أولمرت تعهد أمام تركيا بالانسحاب من هضبة الجولان.

في رأي البروفسور أيال زيسر رئيس معهد دايان في جامعة تل أبيب، هناك عدة أسباب للتشدد السوري: فحكومة نتنياهو، في تقدير دمشق، لا ترغب السلام، ولذا، فإن تضييع أشهر من التفاوض من دون التوصل إلى اتفاق على الانسحاب الكامل، لا يخدم السوريين، وإنما يلحق الضرر بصدقيتهم وبمكانتهم في العالم العربي، من هنا رفضهم الوساطة الفرنسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الموافقة السورية على الوساطة الفرنسية معناها البدء بالتفاوض من نقطة الصفر، في الوقت الذي يعرف الأتراك جيداً أين توقفت المحادثات. كما أن السوريين ربما يوافقون على وساطة أميركية إذا ما استطاعت الولايات المتحدة الحصول على تعهدات إسرائيلية بالانسحاب الكامل من هضبة الجولان. لكنهم حتى الآن يعتبرون الموضوع مضيعة للوقت.

 وفي رأي زيسر، ثمة تفسير آخر للتشدد السوري، هو عدم إحساس دمشق بأن تحقيق السلام مع إسرائيل أمر ملحّ، ولا سيما في ظل الوضع القوي للرئيس بشار الأسد. ويبدو أن الشكوك السورية تجاه حكومة نتنياهو، بالإضافة إلى ضعف سورية العسكري مقارنة بإسرائيل، ومخاوف دمشق من التسلل الإسرائيلي( قصف المفاعل، اغتيال مغنية، اغتيال المسؤول عن الملف النووي؛ عمليات أخرى تتهم دمشق إسرائيل بها) كل ذلك زاد في رغبة سورية في مساعدة حزب الله، و هي اليوم المزود الأساسي للحزب بالسلاح.

ويعتقد زيسر أن العلاقة التاريخية بين سورية وإيران هي حتى الآن ذات أهمية استراتيجية. لكن على الرغم من ذلك، فإن دمشق غير مستعدة لخوض حروب طهران والعكس صحيح، ومن غير المتوقع أن يؤدي أي اتفاق سلام مع سورية إلى قطع علاقتها بإيران. وفي تقدير زيسر، فإنه كلما تقدمت المفاوضات، وبرز استعداد إسرائيل للانسحاب من الجولان، كلما بردت العلاقات بين سورية وإيران، وربما سنشاهد حينئذ خطوات نحو وقف تهريب السلاح إلى حزب الله. ومن هنا، فإن اتفاق السلام مع سورية، في الوقت الحاضر، وفي ظل أوضاع الطرفين، لا يبدو أمراً واقعياً، غير أن التوصل مستقبلاً إلى هذا الاتفاق سيؤدي إلى تغيير وجه الشرق الأوسط.