· إن وجود الفلسطينيين هو حقيقة وواقع ليس في إمكاننا تغييرهما، ولا حتى التأثير فيهما، وعلينا استيعاب هذا الأمر جيداً. ومع ذلك، فإن في إمكاننا أن نؤثر في هوية الزعماء لدى الجانب الفلسطيني، وقد أثبتت التجربة التاريخية أنه في كل مرة يكون هناك زعامة فلسطينية غير مقبولة منا، ونعمل ضدها بطرق مختلفة، فإننا بذلك نتسبب ببروز زعامة جديدة أكثر تطرفاً.
· أقول ذلك في إثر إعلان [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، مؤخراً، نيته عدم ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة الفلسطينية في كانون الثاني/ يناير المقبل. ولا ندري الآن كيف ستُحل هذه المشكلة، لكن ما يتعين علينا تأكيده هو أن عباس هو الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي يمكن، في الوقت الحالي، الدخول في عملية سياسية معه.
· غير أن السياسة الإسرائيلية لا تزال رافضة إجراء مفاوضات وتقديم تنازلات تمهد الطريق من أجل التوصل إلى اتفاق. وقد أدى هذا الموقف، حتى الآن، إلى إضعاف مكانة عباس، وربما سيؤدي إلى اختفائه من الساحة السياسية العامة.
وفي حال استمرار إسرائيل في اتباع هذه السياسة، فإن الصراع بين حركتي "فتح" و"حماس" سيحسم لمصلحة هذه الأخيرة، وستنجح أيضاً في السيطرة على الضفة الغربية، وبذا، فإننا سنقف في مواجهة حركة لا تعترف بإسرائيل، وترفض التوصل إلى أي حل سياسي معها. والأخطر من ذلك كله هو أن "حماس" ستحوّل الصراع مع إسرائيل من صراع سياسي إلى صراع أيديولوجي - ديني، ولا يجوز، بحال من الأحوال، أن نصل إلى وضع من هذا القبيل، أو أن تقع المسؤولية عن الوصول إلى وضع كهذا على عاتقنا.