السيطرة على سفينة الأسلحة المهربة إلى حزب الله تعزز موقف إسرائيل إزاء إيران
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      قامت إسرائيل، أمس، بالسيطرة على سفينة ألمانية في عرض البحر الأبيض المتوسط، كانت تحمل على متنها كمية كبيرة من الوسائل القتالية المرسلة من إيران إلى حزب الله [عبر سورية]. وقد هاجم أفراد الكوماندوس البحري الإسرائيلي هذه السفينة على بعد 180 كيلومتراً من شواطئ إسرائيل، وتم العثور، خلال عمليات التفتيش فيها، على عشرات الحاويات التي تضم أكثر من 3000 صاروخ بقطر 107 ميليمترات و122 ميليمتراً، وقذائف صاروخية وأسلحة خفيفة.

·      ووفقاً لما أكده كبار قادة سلاح البحرية الإسرائيلية فإن كمية الأسلحة، التي كانت على متن هذه السفينة، والتي كانت في طريقها إلى ميناء اللاذقية في سورية، يُفترض فيها أن تكفي حزب الله نحو شهر، في حال خوضه حرباً ضد إسرائيل في المستقبل.

·      ومن المتوقع أن تقوم إسرائيل، خلال الأيام القليلة المقبلة، باستغلال قضية هذه السفينة التي تحمل اسم "فرانكوب"، كي تفعل بإيران ما سبق أن فعلته بياسر عرفات [الرئيس الفلسطيني الراحل] بعد سيطرتها، في سنة 2002، على سفينة "كارين إيه"، التي كانت تحمل أسلحة مهربة إلى السلطة الفلسطينية. كما أن هناك أهمية سياسية كبيرة لهذه السفينة، لأن السيطرة عليها تتزامن مع الحوار القائم بين الدول العظمى وإيران بشأن وقف المشروع النووي لدى هذه الأخيرة.

·      إن إسرائيل تدّعي، طوال الوقت، أن مراقبة المشروع النووي الإيراني يجب أن تكون مشددة وذات توجّه تشكيكي. بناء على ذلك، فإن السيطرة على السفينة تعزز موقفها في هذا الشأن.

·      مع ذلك، ثمة شك فيما إذا كان استغلال إسرائيل لهذا الأمر سيكرر النجاح السياسي الذي أحرزته في إثر السيطرة على سفينة "كارين إيه" [والذي تمثل في إقناع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش بعدم إيلاء أي ثقة لنيات الرئيس عرفات، وفي تواطؤ هذه الإدارة مع حملة "السور الواقي" العسكرية الإسرائيلية]، ذلك بأن الأوضاع السياسية في العالم تبدو أكثر تعقيداً الآن، وهذا الأمر لا يعود فقط إلى وجود باراك أوباما، بدلاً من بوش، في البيت الأبيض. كما أنه يتعين على آلة الدعاية الإسرائيلية أن تكون متسلحة ببراهين استخباراتية قاطعة، ففي المرة السابقة نسي الإيرانيون محو بعض الكتابات باللغة الفارسية عن قطع السلاح، أمّا في هذه المرة فقد بذلوا جهوداً كبيرة لمحو مثل هذه الكتابات واستبدالها بكتابات باللغة الانكليزية.

·      إن سيطرة سلاح البحرية الإسرائيلية على السفينة، أمس، هي بمثابة الجبل الجليدي الطافي للنشاط الواسع النطاق، الذي يقوم هذا السلاح به. وبحسب ما يُنشر في وسائل الإعلام الأجنبية فإن مسار عمليات تهريب الأسلحة من إيران بات معروفاً، فهو يبدأ من ميناء بندر ـ عباس الإيراني الجنوبي ويتجه إلى اليمن ومن ثم إلى السودان وصولاً إلى مصر، ومن هذه المحطة الأخيرة تتجه الحمولة إلى واحدة من وجهتين: إمّا إلى حركة "حماس" في قطاع غزة عبر سيناء والأنفاق، وإمّا إلى حزب الله في لبنان عبر سورية، عن طريق البحر. وما يُنشر بشأن عمليات إحباط تهريب الأسلحة محدود للغاية.

·      لكن يجب القول إن حزب الله لا يساوره أي قلق، في نهاية الأمر، إزاء السيطرة على السفينة. ويمكن التكهن بأن الإيرانيين سيقومون، حالما تتوفر الطريق المضمونة، بإرسال شحنة أسلحة إليه، بدلاً من الشحنة التي تمت السيطرة عليها أمس.

·      غير أن هذه العملية من شأنها أن تساعد إسرائيل في الاطلاع على طبيعة الاستعدادات التي يقوم حزب الله بها، تمهيداً لجولة المواجهة العسكرية المقبلة مع إسرائيل. ويبدو أن لدى الحزب قناعة كبيرة بأنه لا بُد من أن تندلع حرب أخرى في الشمال، ومن دون أي علاقة بالتطورات المتعلقة بإيران. وتؤكد كمية الأسلحة التي تم العثور عليها، أن الحديث يدور على جيش حقيقي، أكثر مما يدور على منظمة "إرهابية"، أو على منظمة "حرب عصابات". وفي هذه الأثناء، فإن مقاتلي الحزب الميدانيين يتحلون بحوافز كبيرة لخوض حرب مع إسرائيل، وقد أكد أحد الضيوف الغربيين، الذي التقى مؤخراً قادة عسكريين ميدانيين في حزب الله، أن الانطباع الذي خرج به من هذا اللقاء هو وجود حماسة كبيرة لخوض جولة حربية أخرى مع الجيش الإسرائيلي.