سورية وحزب الله وخطوط إسرائيل الحمراء
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       هل يعرف قائد القوات اللبنانية، د. سمير جعجع، أموراً لا يعرفها قراء الصحف في إسرائيل؟ فهو ادعى، في بيان نُشر أول من أمس، أن حزب الله يمكن أن يورط لبنان، قريباً، في حرب، وحذّر من كون الجبهة اللبنانية الداخلية أقل جهوزية من الجبهة الإسرائيلية الداخلية، وبالتالي، فإن السكان المدنيين في بلده سيدفعون معظم ثمن المواجهة الحربية المقبلة.

·       إن بيان جعجع هذا هو حلقة واحدة في سلسلة بيانات وتقارير تُنشر في الآونة الأخيرة، وتتعلق باحتمال اندلاع مواجهة عسكرية في منطقة الحدود الشمالية. كما أنه تزامن مع قيام صحيفة سعودية [صحيفة "عكاظ"] بنشر نبأ عن زيارة قريبة سيقوم بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لسورية من أجل عقد لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأيضاً مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي في "حماس"، خالد مشعل. وقد ادعى نجاد، الأسبوع الفائت، أن إسرائيل توشك أن تشن هجوماً على سورية ولبنان، وهو ما نفته إسرائيل جملة وتفصيلاً.

·       غير أنه قبل إطلاق نجاد تحذيره هذا، فإن مستشار الأمن القومي الأميركي، الجنرال جيمس جونز، حذّر من مغبة سيناريو آخر، فحواه احتمال قيام إيران بمحاولة صرف أنظار الأسرة الدولية عن مبادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما الرامية إلى تشديد العقوبات عليها، بواسطة هجوم مسبق على إسرائيل يقوم به حزب الله أو "حماس".

·       وفضلاً عن السياق الإيراني، فإن حزب الله نفسه يوفر أسباباً كافية لجعل إسرائيل متيقظة، فمثلاً، حدد نصر الله، في الخطاب الذي ألقاه في الأسبوع الفائت، معادلة التهديدات عندما أكد أن حزب الله سيهاجم تل أبيب ومطار "بن ـ غوريون"، في حال قيام إسرائيل بمهاجمة بيروت والبنى التحتية اللبنانية.

·       وثمة "سبب" آخر يستدعي مثل هذه اليقظة، وهو السبب المتعلق بتزود حزب الله بالوسائل القتالية، ذلك بأن إسرائيل تعتقد أنها ارتكبت خطأ جرّاء عدم قيامها، في إثر حرب لبنان الثانية في صيف سنة 2006، ببذل جهود كبيرة من أجل منع نقل السلاح من إيران وسورية إلى حزب الله. ومؤخراً، أعلن قائد المنطقة العسكرية الشمالية، الجنرال غادي أيزنكوت، في سياق محاضرة له في جامعة تل أبيب، أن الفرضية السائدة لدى قيادة الجيش الإسرائيلي هي أن الوسائل القتالية المتطورة الموجودة في حيازة سورية ستصل، في نهاية الأمر، إلى يد حزب الله.

·       وفي واقع الأمر، فإن إسرائيل قامت، خلال العامين الفائتين، بتحديد خطوطها الحمراء في هذا الشأن. وعندما كان لديها شكوك كبيرة في أن سورية ستنقل وسائل قتالية خطرة، فإنها بادرت إلى تمرير رسائل تحذير علنية ركزت على موضوع تهريب صواريخ مضادة للطائرات، من شأنها وضع حدّ لحرية تحليق طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في سماء لبنان.

·       وقد أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، لدى اجتماعه بالأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في نيويورك أمس، أن "حزب الله هو جيش تسلّحه إيران وسورية، ويملك 40 ألف صاروخ موجهة إلى السكان المدنيين في إسرائيل، وتعتبر صواريخ إرهابية". وطلب باراك أن يقوم لبنان بتنفيذ القرار 1701، وبمنع نقل أسلحة هجومية من إيران وسورية إلى حزب الله.

·       أخيراً، لا شك في أن التوتر الإقليمي الحالي مرتبط أيضاً بالتطورات المتعلقة بإيران، ولا سيما في إثر آخر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي ادعى أن إيران عادت إلى بذل جهود تهدف إلى تطوير رؤوس حربية نووية.

 

·       وأول من أمس، نشر اثنان من أبرز الباحثين الإسرائيليين في الشؤون الإيرانية، وهما د. إفرايم كام ود. إفرايم أسكولاي [من "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب]، مقالاً أكدا فيه تعزز احتمالات امتلاك إيران كميات من اليورانيوم المخصب تكفي لإنتاج سلاح نووي واحد في النصف الثاني من سنة 2010. وفي حال تحقق ذلك، فإن المداولات بشأن الخطوات الواجب اتباعها إزاء إيران ستصبح ملحة أكثر مما هي عليه حتى الآن.