· لم يكن تقرير "لجنة غولدستون" مفاجئاً بالنسبة إليّ. ففي ذروة عملية "الرصاص المسبوك" كتبت مقالاً في صحيفة "يديعوت أحرونوت" قلت في ختامه ما يلي: "إذا لم ننتصر على 'حماس' الآن، واكتفينا بردة فعل قاسية نعاقب من خلالها، عملياً، مدنيين فلسطينيين، فسيُعتبر الإسرائيليون كائنات وحشية لا مكان لها وسط الشعوب المتحضرة، وستخرج 'حماس' منتصرة".
· هذا ما حدث في واقع الأمر، فعملية "الرصاص المسبوك" لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة، إذ أنها لم تؤد إلى الإفراج عن [الجندي الإسرائيلي الأسير لدى "حماس"] غلعاد شاليط، ولم تسقط سلطة "حماس"، ولم تعزز قوة المعتدلين [في صفوف الفلسطينيين]، ولم توقف إطلاق صواريخ القسام (توقف إطلاق الصواريخ بعد أن وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار من جهتها، وبعد أن سلّمت عملياً بمنظومة تهريب الوسائل القتالية عبر الأنفاق).
· ومن وجهة النظر السياسية، فإن تداعيات هذه العملية العسكرية كانت مدمرة، إذ إن أوضاعنا الدبلوماسية تدهورت إلى حضيض غير مسبوق، وهناك احتمالات كبيرة في أن نُقدَّم، في نهاية المطاف، إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
· وحتى لو لم يُقدّم أي مسؤول في إسرائيل إلى المحاكمة في لاهاي، فإن تقرير "لجنة غولدستون" سيبقى محفوراً في وعي النخب المثقفة في الغرب، وفي ذاكرة الجماهير العريضة في العالم الإسلامي. وسيظل هذا التقرير، الذي يعتبر أحد أخطر لوائح الاتهام التي كُتبت ضد إسرائيل، يلاحقنا أعواماً طويلة.
لا يخامرني أدنى شك في أنه لو كان أريئيل شارون رئيساً للحكومة الإسرائيلية لما كان شن عملية "الرصاص المسبوك". ويذكر الجميع أن شارون تولى رئاسة الحكومة [في سنة 2001] في خضم حرب "إرهابية" فلسطينية قاسية، لكنه عرف كيف ينتصر فيها، متبعاً استراتيجيا شاملة، بدءاً من حملة الاغتيالات، مروراً بمحاصرة [رئيس السلطة الفلسطينية السابق] ياسر عرفات في المقاطعة [في رام الله]، وانتهاء بحملة "السور الواقي" التي حققت أهدافها. كما أنه لم يبادر، في أي مرحلة من مراحل حربه ضد الانتفاضة، إلى استعمال القوة ضد تجمعات فلسطينية كبيرة، كما حدث في إبان عملية "الرصاص المسبوك"، وذلك على الرغم من أن مسؤولين إسرائيليين كثيرين مقربين منه ألحوا عليه، في إثر كل عملية تفجيرية، بأن يرد بقسوة.