من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· إن الأوضاع في إسرائيل تبدو كلها، في الظاهر، على ما يرام، فالحدود هادئة، والدولة مستقرة، والاقتصاد آخذ في الانتعاش، فضلاً عن أن الردع ضد حزب الله و"حماس" ما زال فعالاً حتى الآن. كما أن محاولات الشيخ رائد صلاح [رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل]، التي هدفت إلى إشعال النيران في القدس، لم يُكتب لها النجاح.
· لكن في واقع الأمر، فإن الأوضاع ليست على ما يرام إطلاقاً. لماذا؟ لأن المياه الهادئة، التي يبدو أن السفينة الإسرائيلية مبحرة فيها، تخفي تحتها جبلاً جليدياً تدل عليه عدة مظاهر هي: تقرير "لجنة غولدستون" [لجنة الأمم المتحدة التي تقصت وقائع عملية "الرصاص المسبوك" العسكرية الإسرائيلية في غزة في أواخر سنة 2008]؛ التوتر مع تركيا؛ حملة ملاحقة ضباط الجيش الإسرائيلي في أوروبا؛ حملة مقاطعة البضائع والشركات الإسرائيلية في أنحاء متعددة من العالم؛ بلادة الحسّ العالمية إزاء دولة عظمى آخذة في التحول إلى دولة نووية وتهدد بمحو إسرائيل من الخريطة [إيران]. إن هذا الجبل الجليدي يرمز إلى فقدان شرعية إسرائيل.
· إن الركيزة السياسية التي قامت دولة اليهود عليها، آخذة في التأكل خلال العقد الأخير، ففكرة الدولة اليهودية تتعرض للهجوم، وحق الشعب اليهودي في السيادة والدفاع عنها أصبح موضع خلاف. ويمكن القول إنه كلما تعاظمت قوة إسرائيل، تراجعت شرعيتها.
· إن اليمين هو المسؤول الرئيسي عن أزمة فقدان شرعية إسرائيل. ويبدو أن التطرف القومي الديني، الذي لا يزال متمسكاً بالاحتلال والمستوطنات والعنف، يزوّد القطار الذي يهدد بدوس الحقوق الطبيعية لليهود الإسرائيليين بالوقود اللازم، لكن اليسار ساهم أيضاً في أزمة فقدان الشرعية، وذلك بسبب تخليه عن المعركة من أجل إثبات عدالة الصهيونية.
· إن المعركة من أجل تجديد شرعية إسرائيل أصبحت، في الوقت الحالي، معركة ضرورية للغاية. فمن دون هذه الشرعية لن يكون في إمكان إسرائيل أن تواجه إيران، ولا أن تحقق السلام، ولا أن تعلن الحرب. ولتحقيق ذلك يتعين على [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو و[وزير الدفاع الإسرائيلي] إيهود باراك أن ينتقلا من الأقوال إلى الأفعال.
· فضلاً عن ذلك هناك، من جهة أولى، ضرورة لإطلاق مبادرة سياسية جديدة، مبدعة وجريئة، تثبت أن إسرائيل تسعى فعلاً لإنهاء الاحتلال، فمن دون مبادرة كهذه لن ينصت العالم إلى الحق الإسرائيلي، الغائب عن الأنظار حالياً؛ ومن جهة أخرى، ثمة ضرورة لتجنيد النخب الإسرائيلية واليهودية من أجل خوض معركة تكريس الشرعية الإسرائيلية من جديد. إن هذه المعركة السياسية والأخلاقية لا تقل أهمية عن المعارك التي أدت إلى صدور وعد بلفور [في سنة 1917]، وإلى اتخاذ قرار التقسيم [في سنة 1947].