مستقبل إسرائيل مرهون بدمج العرب والحريديم في المجتمع
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       إن إسرائيل موجودة، حالياً، في غمرة تغيّرات اجتماعية غير مسبوقة ناجمة، هذه المرة، عن تطورات تحدث في داخلها، لا عن موجة هجرة خارجية، وفحواها تنامي مجتمع مختلف ومتعدد الثقافات، أشبه بـ "دولة ثلاثية القوميات" مؤلفة من العلمانيين والحريديم [اليهود المتدينين المتشددين] والعرب، مع أقلية دينية ـ قومية ضئيلة.

·       وعلى الرغم من أن هذا التنوع الاجتماعي ـ الثقافي هو تنوع أخّاذ، إلا إنه يعتبر في إسرائيل بمثابة مشكلة. فهذه الفئات الثلاث لديها روايات تاريخية مختلفة، وتفتقر إلى روح وطنية مشتركة موحدة، والحياة المشتركة فُرضت عليها فرضاً. ولعل الأخطر من ذلك كله هو أن الحريديم والعرب معفيون من الخدمة العسكرية، كما أن معظم الرجال الحريديم ومعظم النساء العربيات غير منخرطين في سوق العمل.

·       بناء على ذلك، فإن السؤال المطروح هو: في حال استمرار هذا الواقع، من سيدافع عن الدولة، ومن سيموّل جمهور المحتاجين إلى مساعدات اجتماعية، والآخذ في الاتساع؟

·       يؤكد مسؤول اقتصادي حكومي رفيع المستوى أن "مشكلة الانخراط في سوق العمل هي مشكلة مصيرية فعلاً، ولدينا 15 عاماً كي نجد حلاً لها، وإذا لم ننجح فلن يكون في إمكان إسرائيل الاستمرار في البقاء، ذلك بأنه سيكون هناك أربعة أفراد لا يعملون في مقابل كل فرد عامل".

·       إن زعماء الدولة، الذين تغاضوا عن هذه المشكلة حتى الآن، أصبحوا مدركين تداعيات هذه القنبلة الموقوتة الماثلة أمامهم. ويخشى رئيس هيئة الأركان العامة، اللواء غابي أشكنازي، مثلاً، ألا يكون هناك، بعد عقد أو عقدين، عدد كاف من الشباب يمكن تجنيده لصفوف الجيش الإسرائيلي.

·       ما العمل إذاً؟ إن الحلول التي تم تداولها من طرف السياسيين وكتّاب الأعمدة الصحافية تركّزت، في معظمها، على قمع الأقليات، مثل سلب السكان العرب مواطنتهم، أو إيقاف مخصصات الضمان الاجتماعي عن الحريديم. ولا بُد من القول إن هذه المقاربة مرفوضة أخلاقياً، فضلاً عن كونها غير عملية. إن المطلوب هو إحداث انقلاب في الوعي، في كل ما يتعلق بتعامل الأكثرية اليهودية العلمانية، الآخذة في التقلص، مع الأقليات الأخرى.

·       يتوجب علينا تفهم أن مستقبلنا أصبح مرهوناً بدمج العرب والحريديم في صلب المجتمع الإسرائيلي. لكن بما أن حكومة نتنياهو ـ ليبرمان غير مؤهلة للقيام بذلك، فإن ما يتعين علينا فعله هو التركيز على إحداث مثل هذا الانقلاب من الأسفل. وبدلاً من أن نخشى العرب أو الحريديم يمكننا فتح الأبواب أمامهم ومنحهم فرصاً. ولا شك في أن ذلك سيعود علينا كلنا بربح كبير، في حين أن مصيرنا كلنا سيكون مهدداً بالانهيار إذا ما واصلنا التقوقع.