من المتوقع أن تنشر الرباعية الدولية (التي تضم كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة) في غضون الأيام الثلاثة المقبلة بياناً مشتركاً تعلن فيه أن في إمكان الفلسطينيين تقديم طلبهم بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة إلى مجلس الأمن الدولي لكن من دون إجراء تصويت عليه، وذلك في مقابل استئناف المفاوضات بينهم وبين إسرائيل بعد ذلك بفترة وجيزة.
ووفقاً للمعلومات التي حصلت صحيفة "معاريف" عليها من مداولات الرباعية الدولية فإن هذه المفاوضات في حال استئنافها ستستمر عاماً ونصف عام، وستقسم إلى مراحل زمنية محددة وصارمة تخصص كل مرحلة منها لمناقشة إحدى القضايا الجوهرية، على أن تتم في المرحلة الأولى مناقشة قضية الأمن والحدود الدائمة. وما زالت هناك خلافات في الرأي بين الولايات المتحدة والأوروبيين بشأن الفترة الزمنية المطلوبة لكل مرحلة، وأساساً للمرحلة الأولى.
كما علمت الصحيفة أن جزءاً من الخلافات الأخرى بين الولايات المتحدة والأوروبيين تم تذليله، ولا سيما بشأن الخطوط الأساسية المتعلقة باستئناف المفاوضات، والتي تستند إلى خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في 19 أيار/ مايو الفائت، وأيضاً بشأن طلبي إسرائيل الاعتراف بها كدولة يهودية، وضم الكتل الاستيطانية الكبرى [في الضفة الغربية] إليها.
من ناحية أخرى تشير البرقيات التي تصل تباعاً إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن إسرائيل منيت بهزيمة كبرى في أوروبا في كل ما يتعلق بالمبادرة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وذلك في ضوء أن أغلبية دول الاتحاد الأوروبي ستؤيد في الجمعية العامة قرار رفع مكانة السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة إلى دولة مراقبة، على غرار مكانة حاضرة الفاتيكان.
ووفقاً للتقديرات السائدة في أروقة وزارة الخارجية الإسرائيلية فإن الفلسطينيين مصرون على دفع مبادرتهم قدماً، وفي حال فشلها في مجلس الأمن الدولي (بسبب عدم توفر أغلبية مؤيدة لها، أو بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض [الفيتو] ضدها، أو بسبب تجميد التصويت عليها) فإنهم سيتوجهون إلى الجمعية العامة لرفع مكانتهم في الأمم المتحدة، حيث من المتوقع أن يحظوا بتأييد كبير.
وذكرت صحيفة "هآرتس" (20/9/2011) أن إسرائيل تشعر بقلق كبير من احتمال توجه الفلسطينيين إلى الجمعية العامة لأن الولايات المتحدة لا تتمتع بحق النقض فيها، وفي حال اعتراف هذه الجمعية بفلسطين كدولة غير كاملة العضوية سيصبح في إمكانها أن تقدم شكاوى ضد إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وأضافت الصحيفة أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سيغادر إسرائيل هذه الليلة في طريقه إلى نيويورك، ومن المتوقع أن يلتقي غداً (الأربعاء) الرئيس ألأميركي باراك أوباما، وسيلقي يوم الجمعة المقبل خطاباً في الأمم المتحدة. وأصدر نتنياهو أمس (الاثنين) بياناً دعا فيه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى استئناف المفاوضات المباشرة في نيويورك على أن تستمر في كل من القدس ورام الله بدلاً من إضاعة الوقت على خطوات أحادية الجانب لا تنطوي على أي فائدة.
على صعيد آخر، أكدت الصحيفة أن الخلافات داخل الرباعية الدولية بشأن الصيغة التي تتيح إمكان كبح المبادرة الفلسطينية ما زالت حادة، إذ تعارض روسيا البند المتعلق بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، في حين أن الاتحاد الأوروبي يطالب بتحديد جدول زمني صارم للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين في حال استئنافها، في المقابل ترفض الولايات المتحدة التنازل عن مطلب الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وتعارض تحديد جدول زمني صارم للمفاوضات.
وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (20/9/2011) إلى أن السفير الأميركي في إسرائيل دان شابيرو أكد مساء أمس (الاثنين) أن الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض [الفيتو] في مجلس الأمن الدولي في حال تقديم الفلسطينيين طلباً للانضمام كدولة كاملة العضوية إلى الأمم المتحدة، مشدداً على أن الإدارة الأميركية تؤيد إجراء مفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة باعتبارها السبيل الوحيد لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
وأضاف شابيرو، الذي كان يتكلم في لقاء عقد في "معهد لاندر" للطلاب الجامعيين الحريديم [المتشددين دينياً] في القدس، أن واشنطن ستستمر في العمل في اتجاه استئناف المفاوضات المباشرة حتى في حال إجراء تصويت في الأمم المتحدة على طلب إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد، لافتاً إلى أن توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة يعتبر بمثابة فشل للجهود التي بذلتها الولايات المتحدة على مدار 60 عاماً من أجل حل النزاع، فضلاً عن كونه فشلاً لكل من إسرائيل والفلسطينيين.