تعمل الرباعية الدولية (التي تضم كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة) على بلورة صيغة تتيح إمكان كبح المبادرة الفلسطينية الرامية إلى تأييد الأمم المتحدة إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد.
ووفقاً لهذه الصيغة، يقدم الفلسطينيون طلب الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي لكن لا يطرحونه للتصويت في نهاية المطاف، وفي المقابل يعلنون موافقتهم على استئناف المفاوضات مع إسرائيل لمدة نصف عام. وبذا فإنهم لا يحرجون الولايات المتحدة التي ستكون مضطرة في حال طرح الطلب المذكور إلى استعمال حق النقض [الفيتو]، ويتيحون إمكان استمرار ممارسة الضغوط على إسرائيل.
وقد رفض الفلسطينيون هذه الصيغة الأسبوع الفائت، لكن مندوبي الرباعية الدولية كانوا حتى يوم أمس (الأحد) مستمرين في محاولة دفعها قدماً. ويبدو أن المشكلة الأساسية التي ما زالت تعترض طريقهم كامنة في برنامج المفاوضات الذي سيرد في البيان الذي سينشر في هذا الشأن. ويدور الحديث بصورة مبدئية عن برنامج يستند إلى خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في 19 أيار/ مايو الفائت، لكنه يتضمن اعترافاً بإسرائيل كدولة يهودية، الأمر الذي يعارضه الفلسطينيون جملة وتفصيلاً.
هذا، وعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الأحد) اجتماعاً لطاقم الوزراء الثمانية لمناقشة المبادرة الفلسطينية في الأمم المتحدة، ووفقاً لأحد التقديرات التي جرى طرحها في هذا الاجتماع فإن [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس سيقدم على طرح المبادرة في الأمم المتحدة لكنه سيجمدها إلى أجل غير مسمى كي يتجنب اندلاع مواجهة مع الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة "هآرتس" (19/9/2011) أن الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية طلبت في الأيام القليلة الفائتة من نتنياهو عدم اتخاذ أي إجراءات عقابية صارمة ضد السلطة الفلسطينية في إثر طرح مبادرة إقامة دولة من جانب واحد في الأمم المتحدة. وأضافت أن رئيس الحكومة يتعرض لضغوط كبيرة لاتخاذ إجراءات كهذه من جانب كل من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير المالية يوفال شتاينيتس، والنائب الأول لرئيس الحكومة ووزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون، غير أنه قرر ألا يتخذ موقفاً من الموضوع إلى أن تتضح تداعيات هذه الخطوة الفلسطينية على نحو كامل. ووفقاً للصحيفة فإن كلاً من وزير الدفاع إيهود باراك، ووزير شؤون الاستخبارات دان مريدور، يعارض اتخاذ أي عقوبات ضد السلطة الفلسطينية لأن ذلك سيؤدي إلى التدهور نحو العنف وإلى وقف التنسيق الأمني بين إسرائيل والفلسطينيين وربما إلى انهيار السلطة الفلسطينية كلياً.
ونقل مراسل "يسرائيل هَيوم" (19/9/2011)، تصور رئيس الحكومة للوضع، والذي عرضه على وزراء حكومته، بالإضافة إلى الخطوط العريضة للخطاب الذي ينوي إلقاءه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة المقبل. ومما قاله نتنياهو: "إن ذهابي إلى الأمم المتحدة يهدف إلى أمرين، هما: أولاً، الحرص على ألاّ ينجح المسار [الفلسطيني] الذي يلتف على المفاوضات، وأن يتوقف في مجلس الأمن؛ ثانياً، التكلم أمام الجمعية العامة وعرض حقيقة أن إسرائيل تريد السلام، وأننا لسنا غرباء في هذا البلد، وأن حقوقنا فيه تعود إلى أربعة آلاف عام."
وطمأن نتنياهو وزراء الليكود بقوله إن مستوى التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية في الأشهر الأخيرة هو الأفضل منذ بدء ولاية أوباما، وإن الفلسطينيين دُهشوا من قوة الموقف الأميركي وتصلبه.
من جهته، اتهم نائب رئيس الحكومة، موشيه يعالون، أبو مازن بالتهرب من المفاوضات، في حين وصف وزير الإعلام، يولي إدلشتاين، تصرف القيادة الفلسطينية بـ" الابتزاز"، قائلاً إن "الصوت صوت أبو مازن، لكن العمل من صنع عرفات."