فشل سياسة القمع الإسرائيلية إزاء الأقليات
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إن أهم تحدّ اجتماعي واجهته إسرائيل هو دمج الأقليات غير الصهيونية- العرب والحريديم - في المجتمع. ومما لا شك فيه أن هذا الموضوع يستوجب الاهتمام لأسباب مبدئية مثل الحق في المساواة بين مواطني الدولة بغض النظر عن أصلهم، ولغتهم، أو معتقداتهم الدينية، وموقفهم السياسي. وهو موضوع ضروري لأسباب اقتصادية من أجل تشجيع النمو وتقليص الفجوات الاجتماعية.
  • إن الزيادة الطبيعية للأقليات التي يشكل أبناؤها نحو نصف تلامذة الروضات، تفرض على الأكثرية إعادة درس علاقتها بهذه الأقليات. لقد حاولت الحكومة الحالية معالجة الموضوع بواسطة سياسة القمع والإكراه، فالظروف السياسية بدت مواتية ولا سيما بعد تشكيل بنيامين نتنياهو ائتلافاً حكومياً من دون الحريديم. أما الأحزاب العربية فلم يسبق لها أن شاركت في الحكومات الإسرائيلية، لكن المواطنين العرب كان لهم في الماضي تأثير غير مباشر في تلك الحكومات من خلال الانتخابات، الأمر غير الموجود فيما يتعلق بالائتلاف الحالي المكون من أحزاب يمينية.
  • لقد سارع نتنياهو مع شريكيه يائير لبيد ونفتالي بينت إلى المس بالنقاط المؤلمة لهاتين الأقليتين. فالحريديم يريدون المحافظة على النمط الخاص لحياتهم، والعرب حساسون خاصة لمصادرة أراضيهم. فقام لبيد وبينت بإعلان قانون "المساواة في تحمل العبء" وفرض الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الإسرائيلي أو الخدمة الأمنية على الشباب الحريدي والعربي. أما نتنياهو ففرض "قانون تسوية مشكلة بدو النقب" (قانون برافر)، وهي تسمية تخفي وراءها عملية إخلاء بالقوة لعشرات الآلاف من المواطنين من سكان القرى "غير المعترف بها". ووافقت الحكومة على إخلاء قرية الحيران البدوية وضمّ أراضيها إلى البؤرة الاستيطانية الدينية - القومية حيران، من دون التحدث مع البدو في هذا الشأن كما كشف الوزير السابق بني بيغن.
  • لكن الأقليات لم ترضخ، وناضلت ضد هذه القوانين من خلال التظاهرات والاحتجاجات ومن خلال الخطوات البرلمانية، ونجح نضالها. فالخدمة الإلزامية لن تفرض على الحريديم، و"قانون برافر" وضع على الرف. واستغل الحريديم رغبة نتنياهو في المحافظة عليهم شركاء محتملين في الائتلاف. وعقد أعضاء الكنيست العرب حلفاً موقتاً مع خصومهم من اليمين المتطرف.
  • تشكل الإنجازات التي حققها الحريديم والعرب شهادة مهمة للديمقراطية الإسرائيلية، وهي تدل أيضاً على أن سياسة القمع لا جدوى منها. لقد آن الأوان لاستخلاص الدورس، وبدلاً من فرض قوانين جديدة، يتعين على الحكومة العمل لدمج الأقليات بصورة تحترم فيها حاجات هذه الأقليات وتساهم في تحقيق الأهداف الوطنية.
  • منذ عودته إلى السلطة قبل بضع سنوات، لم يقم نتنياهو إلا بزيارات قليلة إلى البلدات العربية، ولم يقم بزيارة واحدة إلى البلدات الحريدية. لذا يجب على نتنياهو أن يغير توجهه ويطرق أبواب الأقليات، والعمل معها لتحقيق رؤية وطنية مشتركة.