لماذا لا يدرس رئيس الشاباك السابق الانضمام إلى حزب العمل كمرشح عنه لمنصب وزير الدفاع؟
تاريخ المقال
المصدر
- في خمسينيات القرن الفائت، تشكلت في حزب مباي الإسرائيلي [سلف حزب العمل الحالي] دائرة كانت مهمتها الرئيسية التأكد من أن يتولى رجال الجيش الذين لهم صلة بحركة العمل فقط، المناصب الأساسية في قيادة الجيش الإسرائيلي.
- كان الهدف التأسيس لوضع يرتبط فيه الضباط الكبار بالحزب بعد انتهاء خدمتهم بغية تعزيز الصورة الأمنية للحزب الحاكم. وفي العقود الأولى من قيام الدولة، كان معظم رؤساء هيئة الأركان العامة من الذين انضموا إلى حزب مباي، وهم موشيه دايان، ويتسحاق رابين، وحاييم بارليف، ومردخاي (موطي) غور.
في المقابل، فإن حزب حيروت [المعارض] الذي كان يعتبر حزباً كفاحياً، لم يكن لديه جنرالات على الإطلاق. غير أن زعيم حيروت مناحيم بيغن سرعان ما أدرك أنه من أجل الخروج من صفوف المعارضة لا بُد من أن يزيّـن قائمته الانتخابية بضباط كبار مُسرّحين من الجيش. وهكذا انضم إلى هذا الحزب بعد حرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967] اللواء عيزر وايزمان، وفي السبعينيات انضم إليه أيضاً اللواء أريئيل شارون. وكانت لوايزمان وشارون مساهمة كبيرة في صعود حزب الليكود [وهو عبارة عن تحالف بين حزبي حيروت والليبراليين] إلى سدّة الحكم سنة 1977. ومنذ ذلك الوقت يحرص الليكود على أن يكون معظم وزراء الدفاع في حكوماته عسكريين بدءاً بعيزر وايزمان ومروراً بأريئيل شارون ويتسحاق مردخاي وشاؤول موفاز وانتهاء بموشيه يعلون الآن. - وتمثل رد حزب العمل بعرض جنرالات كمرشحين لمنصبي رئيس الحكومة ووزير الدفاع. وكان يتسحاق رابين وإيهود باراك رئيسي الحزب الوحيدين اللذين نجحا في الفوز في الانتخابات منذ صعود الليكود سنة 1977، في حين أن لواء آخر هو عمرام ميتسناع، فشل في هذه المهمة في انتخابات سنة 2003، كما أن إيهود باراك خسر في محاولة أخرى للتنافس على رئاسة الحكومة سنة 2009.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أنه في دولة يشكل الأمن فيها موضوعاً مركزياً في حياة المواطنين، ثمة أهمية بالغة لإدراج خريجي الجهاز الأمني في الحلبة السياسية. - لم ينجح حزب العمل في أن يدرج ضمن قائمته للانتخابات العامة الأخيرة [في كانون الثاني/ يناير 2013] شخصية أمنية مركزية. وفي أثناء الحملة الانتخابية، اكتفت شيلي يحيموفيتش [رئيسة الحزب] بالانشغال بالموضوع الاقتصادي- الاجتماعي لا بالموضوع الأمني- السياسي. وتسببت هذه الحقيقة بإثارة الانطباع بأن العمل حزب أحادي البعد لا يتنافس على تصدّر القيادة الوطنية.
لا شك في أن رئيس العمل الجديد يتسحاق هيرتسوغ يحتاج إلى أن يعزّز صورته في هذا المجال. صحيح أن صورة هيرتسوغ السياسية بارزة أكثر من رئيسة الحزب السابقة، لكن القائمة الحالية للعمل ما زالت تفتقر إلى شخص يمكنه أن يكون نداً لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يعلون في أي جدل يدور ويتعلق بموضوعات أمنية. بكلمات أخرى، فإن هيرتسوغ بحاجة إلى شخص يمكن أن يعرضه كوزير للدفاع في حكومة ظل تكون قادرة على أن تحلّ محل الحكومة الحالية. - حتى وقت قريب كان الاسم الذي حام في الهواء كمرشح لهذه الخانة هو الجنرال غابي أشكنازي رئيس هيئة الأركان العامة السابق الذي نجح في أن يعيد بناء الجيش الإسرائيلي بعد حرب لبنان الثانية [صيف 2006]، فضلاً عن كونه شخصية تحظى بشعبية واسعة. غير أن أشكنازي غارق في هذه الأثناء حتى العنق في التحقيق الذي تجريه الشرطة في ما بات يعرف باسم "قضية هرباز". كما أن فشل الشركة التي ترأسها في العثور على نفط أو غاز في أعماق البحر الأبيض المتوسط تسبب باهتزاز صورته كثيراً.
- ثمة الآن اسم [أمني] جديد مطروح في جدول الأعمال هو يوفال ديسكين الرئيس السابق لجهاز الأمن العام [الشاباك] الذي كان أثناء توليه هذا المنصب شريكاً رئيسياً في معالجة الموضوعين الإيراني والفلسطيني. وهو يعتبر رجلا قوياً وذا قدرة إعلامية، وفي الآونة الأخيرة يعرض مواقف معسكر اليسار الإسرائيلي بصورة واضحة وحادة للغاية. وعندما يطلق نتنياهو تهديداته في موضوعات مصيرية بالنسبة إلى دولة إسرائيل، فإن ديسكين لا يتردّد في مناقشتها من دون أن يبدي أي مشاعر دونية أمامه.
- ومع أن ديسكين ينفي أن تكون وجهته نحو السياسة، إلا إن المناسبات العامة التي يظهر فيها تلمح إلى غير ذلك. إن ما يمكن أن يغريه مثلاً هو التنافس على رئاسة حزب العمل في الانتخابات التمهيدية قبيل الانتخابات المقبلة. لكن هذا خطأ، فالتجربة التاريخية تثبت أن من نما في منظومة تستند إلى أوامر صارمة مثل المؤسسة الأمنية، بحاجة إلى فترة من الوقت للتكيّف كي يؤدي دوره في الساحة السياسية المبنية على حلول وسط على أفضل وجه.
- بناء على ذلك، فإن انضمام ديسكين إلى هيرتسوغ كرقم 2 وكمسؤول عن الملف الأمني، يمكن أن ينتج عنه ثنائي كامل: زعيم سياسي ذو لغة ناعمة وذراع أمنية ذات قوة تفجير هائلة.