· لا يمكن التقليل من أهمية رفع العلم الفلسطيني في بيت رئيس الحكومة الإسرائيلية [خلال لقائه الرئيس محمود عباس أمس]، وخصوصاً عندما يكون هذا هو بنيامين نتنياهو، زعيم اليمين الإسرائيلي، ورئيس المعسكر القومي الذي سبق أن أقسم بأنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية.
· وبغض النظر عمّا يرغب نتنياهو فيه فعلاً [في إطار المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية]، فإن ما تراكم من نتائج أعماله حتى الآن هو ما يلي: تأييد حل الدولتين كما انعكس في الخطاب الذي ألقاه في جامعة بار ـ إيلان [في 14 حزيران/ يونيو 2009]؛ تجميد أعمال البناء في المستوطنات [في الضفة الغربية] بصورة غير مسبوقة مطلقاً؛ استعمال مصطلح "الضفة الغربية" خلال الخطاب الذي ألقاه في البيت الأبيض [في إطار قمة واشنطن]؛ رفع العلم الفلسطيني في بيته. وقد صَدَق أحد زعماء "مجلس المستوطنات في يهودا والسامرة" [الضفة الغربية]، الذي يعرف رئيس الحكومة جيداً، عندما قال الأسبوع الفائت: "يبدو أننا خسرنا نتنياهو".
· ما الذي يرغب نتنياهو فيه فعلاً؟ وهل إشارات السلام الصادرة عنه في الآونة الأخيرة هي إشارات حقيقية؟ الجواب معقد، ذلك بأن الكلام الذي يجري داخل الغرف يبدو جاداً للغاية، فضلاً عن أن المفاوضات المباشرة بين الجانبين تدور حول القضايا الجوهرية كلها. من ناحية أخرى، فإن الاتجاه نحو التوصل إلى اتفاق مبادئ سريعاً على أن يتم تأجيل تنفيذه يتيح إمكان تجاوز المشكلة الأصعب [بالنسبة إلى نتنياهو] وهي التنفيذ الفوري، نظراً إلى عدم وجود من يمكنه تنفيذه لدى الجانب الفلسطيني.
· ومع ذلك، فإن احتمال أن يتمكن نتنياهو من التوصل إلى اتفاق مع [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، الأمر الذي لم ينجح [رئيس الحكومة الأسبق] إيهود أولمرت في التوصل إليه، يبدو احتمالاً خيالياً جداً. ولذا، فإن الأمر المنطقي هو الافتراض أن المفاوضات ستتفجر لاحقاً. وبطبيعة الحال، فإن أي قضية من القضايا الجوهرية، مثل اللاجئين أو القدس أو الحدود، يمكن أن تؤدي إلى تفجرها.
· إن السؤال المهم المطروح هو: ماذا سيحدث في إثر تفجر المفاوضات؟ سيجري تطبيق خطة انطواء أمنية يتم العمل على بلورتها في المرحلة الحالية داخل الغرف المغلقة، ويكون فحواها تفكيك المستوطنات الواقعة خلف الجدار الفاصل، وذلك من دون القيام بسحب الجيش الإسرائيلي من أراضي تلك المستوطنات، كي تضمن إسرائيل استمرار سيطرتها الأمنية، ويعتبر هذا الأمر أحد الدروس المستخلصة من خطة الانفصال عن غزة [في سنة 2005]. ومن شأن هذه الخطة أن تجعل إسرائيل تحظى بتأييد العالم ولو لفترة معينة.
· وستُطرح هذه الخطة من جانب الأوساط المعتدلة في حزب الليكود، مثل الوزيرين دان مريدور وميخائيل إيتان وأشباههما. لكن يبقى السؤال: ماذا سيكون موقف نتنياهو؟ فهو في حال تأييده هذه الخطة، فإنه سيجرّ وراءه جزءاً كبيراً من الليكود، وربما سيكون دافع هذا السلوك هو إتاحة المجال أمام العالم كي يواجه المشكلة الإيرانية. وإذا ما قرر نتنياهو تأييد هذه الخطة، فإن عليه كسب دعم [رئيس حزب العمل] إيهود باراك وربما حزب كاديما أيضاً.