من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عقب لقائها رئيس الدولة شمعون بيرس في القدس صباح أمس إن "[رئيس السلطة الفلسطينية] أبو مازن و [رئيس الحكومة الإسرائيلية] نتنياهو بدآ بمناقشة القضايا الجوهرية التي لا يمكن حلها إلاّ في مفاوضات مباشرة، وأعتقد أنهما جادّان في نيّتهما التوصل إلى [حل يقوم على] دولتين تعيشان جنباً إلى جنب. هذه مصلحة إسرائيلية وفلسطينية، لكنها أيضاً مصلحة قومية أميركية".
وأضافت كلينتون: "إن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر. ربما يمكن الاستمرار على هذا النحو عاماً آخر أو عامين أو ثلاثة، لكن الطريقة الوحيدة لضمان أمن إسرائيل هي التوصل إلى اتفاق سلام".
وفي هذه الأثناء، تمارس الإدارة الأميركية ضغوطاً قوية على نتنياهو وأبو مازن كي يتوصلا فيما بينهما إلى حل متفق عليه بشأن مواصلة تجميد البناء في المستوطنات. وفي المحادثات التي جرت بمشاركة كلينتون [في شرم الشيخ]، طُرحت بضعة أفكار بشأن هذا الموضوع، لكن لم يتحقق أي اختراق.
واستؤنفت المفاوضات أمس في مقر رئيس الحكومة في القدس، حيث عُقد لقاء شارك فيه نتنياهو وأبو مازن وكلينتون والمبعوث جورج ميتشل. ودام اللقاء أكثر من ساعتين، وانضم إليه في مراحل معينة رئيسا طواقم المفاوضات المحامي يتسحاق مولخو ونظيره الفلسطيني صائب عريقات.
وعقب اللقاء أدلى ميتشل ببيان إلى وسائل الإعلام قال فيه إن المحادثات تجري بشكل أكثر جدية وبوتيرة أسرع مما كان عليه الحال في المحادثات التي كان مشاركاً فيها في إيرلندا في التسعينيات. وأشار المبعوث الأميركي إلى أن المحادثات تناولت محاولة التغلب على الأزمة المقترنة بانتهاء سريان أمر تجميد البناء في المستوطنات في 26 أيلول/ سبتمبر، كما جرى نقاش جوهري ومعمق بشأن القضايا الجوهرية. وأكد ميتشل الذي حاول رسم صورة إيجابية جداً عن تقدم المفاوضات أن نتنياهو وأبو مازن تباحثا في القضايا البالغة الحساسية، وقال: "إن الزعيمين لا يتركان الموضوعات الصعبة إلى النهاية، بل يعكفان عليها منذ الآن. إن الموضوعات التي طُرحت تقع في صلب النزاع، ونحن نرى أن ذلك يدل على أنهما يؤمنان بإمكان التوصل إلى اتفاق".
وذكر ميتشل أنه تم إحراز تقدم في المحادثات بشأن مستقبل تجميد البناء في المستوطنات، وبدا إيجابياً ومتفائلاً بشأن هذا الموضوع أيضاً. أما في الجانب الإسرائيلي فصدرت إشارات فاترة وأكثر حذراً في هذا الشأن. وذكر مسؤولون إسرائيليون كبار جرى إطلاعهم على تفصيلات المحادثات أن نتنياهو أكد أمام أبو مازن أن تجميد البناء لن يمدد وأن البناء سيُستأنف. ووفقاً لهؤلاء المسؤولين، مازال هناك خلافات شديدة وفجوات كبيرة بين الجانبين في موضوع تجميد البناء، ولا يزال هذا الموضوع يشكل العقبة الرئيسية التي تهدد استمرار المحادثات.
وعلى الرغم من الخشية من انهيار المحادثات بعد 26 أيلول/ سبتمبر، فإن أبو مازن ونتنياهو اتفقا أمس على أن يلتقي رئيسا طواقم المفاوضات مولخو وعريقات في مطلع الأسبوع المقبل للبحث في حلول ممكنة لقضية تجميد البناء، وللتحضير للقاء آخر بين الزعيمين. ومن المفترض أن يُعقد هذا اللقاء، على ما يبدو، قبل انتهاء موعد تجميد البناء. وقد ذكر ميتشل أمس أن الولايات المتحدة تشجع الطرفين على إيجاد حل مشترك لأزمة التجميد، بل إنها تطرح أيضاً أفكاراً متعلقة بحلول ممكنة.
وأكد مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى مطلعون على تفصيلات المحادثات أن جميع القضايا الجوهرية نوقشت، وأنها "مطروحة على الطاولة". ووفقاً لهؤلاء، فإن المباحثات التي تمت أمس جرت في أجواء جيدة جداً ومن دون توتر أو مواجهات، ومع ذلك، فإن الفجوات بين الطرفين لا تزال كبيرة جداً.
إلى ذلك أكد ميتشل خلال مؤتمره الصحافي أن الولايات المتحدة تعتقد أنه لا يوجد أي تناقض بين المفاوضات على المسار السوري والمفاوضات على المسار الفلسطيني، وذكر أن نائبه فريد هوف زار دمشق مؤخراً، وعقد لقاءات مع كبار المسؤولين في الحكومة السورية بشأن استئناف المفاوضات بين إسرائيل وسورية. وأضاف أن الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات على المسار السوري ستستمر اليوم، إذ سيزور دمشق مع نائبه هوف للقاء الرئيس بشار الأسد.
ومن جهتها أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (16/9/2010) أن نتنياهو أوضح خلال اللقاء الذي عُقد مساء أمس بينه وبين أبو مازن أنه لم يطرأ أي تغيير على موقفه من تجميد البناء في المستوطنات، وأنه ينوي استئناف البناء بعد انتهاء فترة التجميد في 26 أيلول/ سبتمبر.
وذكرت الصحيفة أن لقاء القدس، شأنه شأن اللقاء السابق في شرم الشيخ، لم يؤدّ إلى نقطة تحول، على الرغم من الابتسامات والأجواء الجيدة. وذكرت أن مصادر فلسطينية قالت للصحيفة عقب اللقاء إنه لم يتم تحقيق أي اختراق يمكّن من إجراء المفاوضات من دون التهديدات الدائمة [من الجانب الفلسطيني] بالانسحاب منها في حال استئناف البناء في المستوطنات.
ونقلت الصحيفة عن مصدر فلسطيني رفيع المستوى قوله إن الرئيس أبو مازن هدد بترك المحادثات المباشرة إذا ما استؤنف البناء. ووفقاً لهذا المصدر، فقد أطلق أبو مازن تهديده هذا بعد وقت قصير من لقائه نتنياهو في مقره في القدس، وذلك بعد قول نتنياهو أنه سيستأنف البناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] في نهاية فترة التجميد. ويتناقض هذا القول مع أقوال ميتشل الذي زعم أن المباحثات تحرز تقدماً على نحو يدعو إلى الدهشة.
وقد أوضح الفلسطينيون لنتنياهو وكلينتون مجدداً أن استئناف البناء سيجعل من الصعب عليهم الاستمرار في المفاوضات. وإلى جانب ذلك، أوضح مصدر فلسطيني رفيع المستوى أن الفلسطينيين يتعرضون لضغوط قوية من أجل عدم الانسحاب من المفاوضات، وأن الأميركيين اقترحوا عليهم حلاً وسطاً يقضي باستئناف البناء فقط في ثلاث كتل استيطانية من المفترض أن تبقى في يد إسرائيل في الأحوال كافة.
وفي ختام اليوم الثاني من المحادثات التي جرت خلال هذا الأسبوع، لم يتفق الطرفان على جدول أعمال المفاوضات، ولم يُقرَّر بعد أيّ الموضوعات سيتم مناقشتها أولاً. وما يطالب به الفلسطينيون هو البدء بقضية الحدود، لأنهم يرون أن [حل] هذه القضية سيساعد في حل الخلافات المتعلقة بقضايا الأمن، والمستوطنات، والمياه، ومسائل إضافية أخرى.