من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· يمكن القول إن [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو اتبع في بداية ولايته مقاربة مباشرة غير محنكة إزاء الفلسطينيين، وفي ضوئها فإنه لم يقم باستئناف عملية أنابوليس، وإنما تحدث عن "سلام اقتصادي" فقط. وقد أتاح هذا الأمر لخصمه [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس إمكان حشره في زاوية الرافض [للتسوية] وتخويفه بـ "نزع شرعية" إسرائيل بواسطة تقرير لجنة غولدستون [التي تقصّت وقائع عملية "الرصاص المسبوك" العسكرية الإسرائيلية على غزة في شتاء سنة 2009] وحملة المقاطعة الدولية. وقد اضطر نتنياهو، كي يخلص نفسه من هذا الوضع، إلى دفع ثمن كان فحواه قبول حل الدولتين، وتجميد الاستيطان [في المناطق المحتلة]، وكبح أعمال البناء في القدس الشرقية، والتعاون مع الأمم المتحدة فيما يتعلق بالتحقيق في قضية قافلة السفن التي كانت متجهة إلى غزة.
· وفي الصيف الفائت، بدأ نتنياهو بذل جهود تهدف إلى استئناف المفاوضات المباشرة [مع السلطة الفلسطينية]، وقد نجح حتى الآن في أن يثير الفضول إزاء نياته من دون أن يتنازل عن شيء. ومنذ قيام رئيس الحكومة بإلقاء خطابَيه في إطار قمة واشنطن [في مطلع أيلول/ سبتمبر الحالي] فإن خصومه في الداخل والخارج يواجهون صعوبة كبيرة في معرفة نياته الحقيقية. وفي حال نجاحه في تجاوز الخلافات المتعلقة بتجميد الاستيطان فإنه سيحظى بعام هادئ يكون لديه خلاله حرية عمل كبيرة في مقابل الفلسطينيين.
· لكن في مقابل الحنكة التي أبداها نتنياهو في المسار الفلسطيني، فإنه في مواجهة إيران ما زال قابعاً في وضع دونيّ من الناحية الاستراتيجية. وكانت تصريحاته السابقة بأن القنبلة النووية الإيرانية ستكون بمثابة "محرقة ثانية"، وأنها خطر مصيري على إسرائيل لا يمكن تحمله، قد أقنعت العالم بأنه مصمم على مهاجمة إيران، الأمر الذي أتاح لهذه الأخيرة أن تقيم منظومة عسكرية وسياسية مضادة، وأن تهدد بالقضاء على تل أبيب في حال تعرضها للهجوم، وأن تظهر بمظهر الضحية المستقبلية للبلطجة الإسرائيلية.
إن ما على نتنياهو فعله الآن هو استغلال المهلة الزمنية المتوقعة في المسار الفلسطيني من أجل القيام ببلورة استراتيجيا أكثر حنكة إزاء إيران، ويكون في إمكانها أن تفقدها القدرة على إلحاق أي ضرر بإسرائيل. صحيح أن الإيرانيين حذرون ومخادعون لكن لديهم أيضاً نقاط ضعف كما كان لدى كل من [الرئيس المصري الأسبق] جمال عبد الناصر و[الرئيس العراقي السابق] صدام حسين، اللذين سبقا إيران في مجال تحدي التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي في المنطقة ومُنيـا بالهزيمة. إن إسرائيل بحاجة إلى مقاربة غير مباشرة إزاء إيران، ولا شك في أن إيجاد مقاربة كهذه هي المهمة الضرورية التي ستكون مطلوبة من نتنياهو عند تخلصه من موضوع تجميد الاستيطان.