قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة نهار أمس (الأحد)، معقباً على لقائه المبعوث الأميركي جورج ميتشل صباح أمس: "استمعت [من ميتشل] إلى عدد من الأفكار المثيرة للاهتمام بشأن استئناف المفاوضات. نحن معنيون بذلك، وقد أعربتُ عن أملي بأن تفسح هذه الأفكار الجديدة المجال أمام استئناف العملية [السياسية]. وإذا أبدى الفلسطينيون استعداداً مماثلاً، فسندخل في عملية سياسية، وهذا مهم لنا جميعاً".
ونهار الجمعة الفائت هاجم نتنياهو رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، ودحض ادعاءاته التي تقول إن إسرائيل تتحمل المسؤولية عن عدم استئناف المفاوضات. وورد في بيان رسمي صدر عن ديوان رئيس الحكومة أن إسرائيل لا تضع شروطاً لاستئناف المفاوضات، وذلك خلافاً للأقوال التي أدلى بها رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض صائب عريقات في وقت سابق. وأضاف البيان: "إن الفلسطينيين هم الذين يحبطون تحريك العملية السياسية عن طريق وضع شروط لم يسبق أن طلبوها من أي حكومة إسرائيلية".
وعقب اللقاء الثاني الذي تم بين نتنياهو وميتشل صباح الأحد لم يُعلَن أي اختراق يمكن أن يؤدي إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ("يديعوت أحرونوت"، 24/1/2010). ومن المتوقع أن يغادر ميتشل إلى عمّان، ومنها إلى القاهرة، كي يحاول بلورة مزيد من التأييد لجهود تحريك عملية السلام. وخلال زيارة المبعوث الأميركي، بدا كما لو أنه يتنقل بين الأطراف من دون التوصل إلى تقدم مهم. ومساء السبت اجتمع بوزير الدفاع إيهود باراك للمرة الثانية في منزله في تل أبيب، وقد عقد اللقاء بناءً على طلب ميتشل، بعد أن أنهى جولة من اللقاءات في رام الله مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن والمسؤولين في السلطة الفلسطينية.
ومساء الأحد التقى ميتشل مجدداً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عمّان، وبعد اللقاء قال ميتشل إن الولايات المتحدة ستستمر في محاولاتها الرامية إلى التوصل إلى حل يقوم على دولتين، لكنه أضاف أنه ينبغي أن تكون على سورية ولبنان شريكين في المفاوضات كي تتمتع دول المنطقة كلها بعلاقات طبيعية ("هآرتس"، 25/1/2010). وعقب اللقاء أكد رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض صائب عريقات مجدداً أن الفلسطينيين لن يعودوا إلى طاولة المفاوضات ما لم يتم وقف البناء في المستوطنات، وأضاف: "لقد قال عباس لميتشل إن الفلسطينيين نفذوا التزاماتهم بموجب خريطة الطريق، وحان الوقت كي تنفذ إسرائيل التزاماتها، بما فيه وقف البناء في المستوطنات ومواصلة المحادثات من النقطة التي توقفت عندها [في عهد رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت]".
وكانت مصادر فلسطينية ذكرت عقب اللقاء الذي تم بين المبعوث ميتشل والرئيس عباس في رام الله الجمعة الفائت، أن ميتشل طلب من عباس استئناف المفاوضات بشأن الحل الدائم، لكن عباس رفض ذلك وقال إن على إسرائيل أن تنفذ أولاً التزاماتها بموجب خريطة الطريق، ومنها: الانسحاب إلى خطوط 28 أيلول/ سبتمبر 2000، والسماح بفتح المؤسسات [الفلسطينية] في القدس الشرقية، وتجميد البناء في المستوطنات والقدس الشرقية ("هآرتس"، 24/1/2010). وكان بين الأفكار التي طرحها الأميركيون اقتراح يقضي بإجراء مفاوضات غير مباشرة بوساطة أميركية، ولم يرفض أبو مازن هذا الاقتراح رفضاً قاطعاً وقال إن هذا الموضوع سيُدرَس.
وفي هذه الأثناء أوردت صحيفة الأيام الفلسطينية أن إسرائيل تراجعت عن استعدادها للقيام بمبادرات حسن نية وبخطوات بناء للثقة تجاه أبو مازن من أجل أن تسهّل عليه العودة إلى طاولة المفاوضات.وكان من المفترض أن تشمل هذه الخطوات، من جملة أمور أخرى، الإفراج عن أسرى، وإزالة حواجز، ونقل جزء من المناطق (ب) الخاضعة لسيطرة أمنية إسرائيلية إلى السيطرة الفلسطينية، وتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة.
وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية نهار السبت أنهم ما زالوا يحاولون إيجاد صيغة لاستئناف المحادثات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وذكر هؤلاء المسؤولون أن ميتشل لم يحمل معه رسائل ضمانات لإسرائيل وللفلسطينيين في زيارته الحالية، وأن هذه المسألة غير مدرجة في جدول الأعمال في المرحلة الراهنة. وقال أحد المسؤولين: "نحن محبطون ولسنا يائسين. ليس من المتوقع أن يحدث اختراق، لكننا نواصل جهودنا. وهناك أمور لم نحاولها بعد". وفي جميع الأحوال، كما ذكر الأميركيون، فإن ميتشل مستمر في مهمته، ولا ينوي الاستقالة.
وفي إسرائيل أيضاً يواصل المسؤولون خفض سقف التوقعات. فقد أكد نتنياهو أمام ميتشل نهار الخميس الفائت أنه يوافق على أن يودع لدى الإدارة الأميركية [تعهداً بشأن] سلسلة من مبادرات حسن النية تجاه الفلسطينيين، لكنه لن ينفذها من دون إعلان الفلسطينيين العودة إلى طاولة المفاوضات.