نتنياهو بات أكثر انفتاحاً تجاه التفصيلات المطلوبة لحل النزاع
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       يبدو أن هذه أول مرة يخرج فيها الوزراء الإسرائيليون من جلسة الحكومة من دون أن يعرفوا أكثر مما يعرف الصحافيون في كل ما يتعلق بقمة واشنطن التي تابعوها من بعيد مثلنا جميعاً. ولا شك في أنهم رأوا المصافحة الحميمة بين [رئيس الحكومة الإسرائيلية] بنيامين نتنياهو وبين [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، وانتبهوا إلى أن نتنياهو استعمل، لأول مرة، مصطلح "الضفة الغربية" بدلاً من مصطلح "يهودا والسامرة"، ووصف عباس بأنه شريكه للسلام.

·       في الوقت نفسه، فإن اللقاء بين نتنياهو وعباس جرى في أجواء جيدة، كما لو أنه لا يوجـد أي خلاف أو أزمـة ثقـة بينهما، علاوة على أن نتنياهو وفّر أسباباً وجيهة لـ [الرئيس الأميركي] باراك أوباما كي يضع ثقته فيه.

·       ليست هذه أول مرة تحدث فيها أمور من هذا القبيل من دون إجراء مداولات بشأنها داخل الحكومة، كما ادعى الوزير سيلفان شالوم، ذلك بأن المفاوضات في كامب ديفيد [مع مصر] جرت [سنة 1978 في إبان ولاية حكومة مناحم بيغن الأولى] من دون أن تعرف الحكومة ما الذي كان يدور فيها، إلى أن قام وزير المواصلات في ذلك الوقت مئير عميت، وقبل توقيع اتفاق الإطار المتعلق بالسلام مع مصر بثلاثة أيام، بتقديم استقالته احتجاجاً على ذلك.

·       ويمكن القول إن الكلام القليل الذي أدلى نتنياهو به خلال جلسة الحكومة بشأن قمة واشنطن يعكس حقيقة أنه لم يبلور حتى الآن أفكاراً كثيرة [إزاء المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين]. ولذا، فإن اللقاءين المقبلين في إطار هذه المفاوضات، والذي سيعقد أولهما بعد نحو أسبوع، ثانيهما عشية 26 أيلول/ سبتمبر الحالي، وهو الموعد الذي ينتهي فيه سريان مفعول القرار الحكومي القاضي بتجميد أعمال البناء في المستوطنات، سيكونان لقاءين مهمين للغاية فيما يتعلق بمسألة تجاوز الخطوة الحرجة الأولى. فمن الواضح أنه لا يمكن الاستمرار في تجميد أعمال البناء من دون أن يقوم المستوطنون بأعمال شغب، لكن في الوقت نفسه، من الواضح أنه لا مفر من عدم تمديد مفعول القرار الخاص بتجميد الاستيطان.

·       من ناحية أخرى، فإن أوباما غيّر تعامله مع نتنياهو لا بسبب هبوط شعبيته في استطلاعات الرأي العام الأميركية، وإنما لأن هذا الأخير بات أكثر انفتاحاً تجاه التفصيلات المطلوبة لحل النزاع [الإسرائيلي ـ الفلسطيني].

·       وما يجب قوله هو أن الحياة لا تبدأ أو تنتهي بالمستوطنات، ولا بُد من أن ننتبه إلى التطورات الإيجابية التي تحدث في الضفة الغربية، ذلك بأن الفلسطينيين يحاربون "الإرهاب"، كما أنهم يقومون، بفضل [رئيس الوزراء الفلسطيني] سلام فياض، بإزالة التحريض من الكتب التدريسية، ناهيك بأنهم يعودون بالتدريج إلى حياتهم اليومية الطبيعية.

·       ووفقاً لتقدير أحد الأشخاص المقربين من نتنياهو، فإن معظم الوزراء وأعضاء الكنيست من حزب الليكود سيؤيدون رئيس الحكومة، ذلك بأن الليكود يُعتبر في الوقت الحالي حزب الشعب، كما كان حزب مباي على مدار عشرات الأعوام في الماضي، وهو يمثل في سلوكه وسياسته رغبة أكثرية الشعب.

إن السؤال المطروح هو: هل يبدي نتنياهو إشارات تدل على انفصاله عن حلم أرض إسرائيل الكبرى؟ ربما. وقد يكون ذلك حدث عقب ضغوط خفيفة مارستها [وزيرة الخارجية الأميركية] هيلاري كلينتون التي كلفها أوباما هذه المهمة، أو عقب الشعور بأن هناك فرصة سانحة لعملية تاريخية يمكن دفعها قدماً. وفي حال واجه نتنياهو صعوبات داخل الليكود، فإن لديه خطة بديلة هي ضم حزب كاديما إلى حكومته، أو إذا احتاج الأمر، فإنه يمكنه الذهاب إلى انتخابات عامة مبكرة تعزز قوة الليكود وتجعله حزباً قادراً على الانفراد بالسلطة في المستقبل.