· لا شك في أن خطة الانفصال من جانب واحد عن غزة [في صيف سنة 2005]، التي جرى تنفيذها قبل أربعة أعوام، حققت ثلاثة إنجازات: الأول - تخليصنا من التهديـد الديموغرافي الكامن فـي نحو 1.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة، والذي تعتبر نسبة النمـو الطبيعـي فيه من أعلى النسب في العالم؛ الثاني - أنها أثبتت أن تفكيـك مستوطنات إسرائيلية هو عملية قابلة للتنفيذ؛ الثالث - تحريرنا من وطأة وجود بضعة آلاف من المستوطنين اليهود في وسط منطقة فلسطينية مزدحمة ومعادية، مع ما يتطلبه ذلك من مرابطة قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي هناك من أجل توفير الحماية لهم.
· غير أن خطة الانفصال أسفرت عن فشل واضح وكبير، هو تسليم القطاع إلى حركة "حماس"، التي بدورها حولته إلى بؤرة لإطلاق صواريخ القسام وقذائف الهاون على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية.
· بناء على ذلك، فإن الدرسين الرئيسيين، اللذين يجب استخلاصهما من خطة الانفصال، هما: الأول ـ أننا فوتنـا فرصة إتمام الانفصال عن غزة عبر مفاوضات مع السلطة الفلسطينية؛ الثاني ـ أنه على الرغم من أن خطة الانفصال أتاحت لنا إمكان الادعاء أننا انسحبنا من القطاع حتى آخر شبر، فإن الواقع الجديد الذي أوجدناه، والمتمثل في فرض حصار تام على القطاع، براً وبحراً وجواً، يعتبر عملياً استمراراً لـ "الاحتلال" الإسرائيلي، وقد أدى هذا الواقع الجديد ـ القديم إلى القضاء على أي أمل بأن يركز زعماء غزة على بناء كيان سياسي فلسطيني مستقل. ويتعين أن يبقى هذان الدرسان ماثلين أمامنا لدى مواجهة تحديات المستقبل.