"الربيع العربي" لم ينجح في إلغاء معارضة التطبيع مع إسرائيل
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

  • قبل ثلاثة أعوام، تلقى بائع الخضروات التونسي محمد البوعزيزي لكمة من شرطية وقام بإحراق نفسه يأساً إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة. وتسبب هذا الحادث بطوفانات غضب أغرقت الشارع في تونس واضطرت الرئيس زين العابدين بن علي إلى الفرار للصحراء السعودية كي ينجو بحياته.
  • كانت هذه أولى محطات ما بات يُسمى "الربيع العربي" الذي سرعان ما انتقل إلى مصر ثم ليبيا فاليمن وحلّق فوق البحرين، ليحطّ بثقله كله في سورية. ولا يزال الرئيس السوري بشار الأسد هو الدكتاتور الوحيد الذي نجح في البقاء، لكن بثمن باهظ للغاية هو أكثر من 100,000 قتيل وأكثر من مليوني لاجئ يعيشون في ظل خطر حقيقي يتهدّد حياتهم داخل خيم في تركيا ولبنان والأردن والعراق.
  • برأيي، يمكن استخلاص ثمانية استنتاجات فكرية من زلزال "الربيع العربي" الذي لا يزال يهزّ أركان العالم العربي برمته.

    أولاً، اختفاء الشباب الذين قادوا انتفاضات الميادين. فالسلطات الجديدة التي قامت بفضلهم، تتجاهل الجيل الذي يطلب حياة عادية وعلاجاً جذرياً للمشكلات الاقتصادية ولخيبات أمل المواطن البسيط.

    من لا يزال يتذكر مثلاً نجم "غوغل"، المصري وائل غنيم الذي تسبب بإخراج مئات الآلاف إلى الميادين؟ ومن لا يزال يتذكر توكّل كرمان من اليمن، التي نجحت في إبعاد الرئيس وفازت بجائزة نوبل وتم إهمالها؟

    ثانياً، لم تعد هناك أمة عربية موحدة، فالعالم العربي في نظر الأجنبي بات خاضعاً لإعادة تعريف. ولم يعد ثمة "محور شرّ" يضم الإسلاميين مؤيدي الإرهاب مقابل "المعسكر المعتدل" الذي يمكن عقد صفقات سياسية وغيرها معه. من الآن فصاعداً، الحديث يدور حول مسلمين سنيين في مقابل مسلمين شيعة، وهؤلاء الأخيرون هم الذي يصنعون في الآونة الأخيرة العناوين الصحافية المثيرة.

    ثالثاً، طُويت جميع الأحلام بمستقبل اقتصادي أفضل، فمصر تغرق وليبيا تخوض حروباً داخلية طاحنة وتونس تثير ذعر الغرب. ليس هذا فحسب، لكن أيضاً لم تعد السعودية تعني الكثير بالنسبة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يتدبّر أموره مع احتياطي النفط وبإمكانه أن يستخف بمعارف الولايات المتحدة القدماء في قصور الرياض.

    رابعاً، إن النساء في العالم العربي هنّ أكبر الخاسرات، فبعد أن أدّين أدواراً رئيسية في التظاهرات ركلتهن السلطات الجديدة جانباً

    خامساً، إيران هي الرابح الأكبر. فقبل أن تُجرّ هي أيضاً إلى انتفاضة الشارع، عرفت السلطة في طهران كيف تستميل الجيل الشاب من خلال رئيس ينثر الوعود.


    سادساً، ثمة رابح آخر من "الربيع العربي" هو دولة إقليم كردستان الآخذة في النشوء. ففي هذا الإقليم ثمة مؤسسات حكومية انفصلت عن العراق، وثمة اقتصاد ينمو ويجذب المستثمرين، وثمة سياح ومطاعم ومؤسسات تربوية وخدمات للمواطنين. إن كل من عاد من أربيل عاصمة الإقليم (بمن في ذلك إسرائيليون)، يحكي الكثير من القصص الشبيهة بالمعجزات والعجائب عن العمل الكردي الدؤوب الذي يجري في الاقليم على قدم وساق.
  • سابعاً، حدث تحوّل حاد في الإعلام، فقناة "الجزيرة" القطرية تلقت ضربة من حيث نسبة المشاهدين بسبب دعمها للحركات الإسلامية. وفي الوقت الذي ما زالت فيه السلطات العربية تعتمد على صحافيي البلاط، أخذت تنمو شبكات التواصل الاجتماعي وتمكنت شبكة "تويتر" من التغلب على شبكة "فايسبوك". وهكذا، فإن كل من يخشى التظاهر في الميدان بات يجلس وراء حاسوب، وكل من يعرف الطباعة أصبح صحافياً.

    ثامناً،
    إن اصطفاف القوى الجديد كان بإمكانه بسهولة أن يعمّق صلة إسرائيل بمعسكر الذين خابت آمالهم من أوباما، ولا سيما في ضوء وجود مصالح مشتركة ومواجهة العدو نفسه. غير أن زلزال "الربيع العربي" لم ينجح في إلغاء معارضة التطبيع [مع إسرائيل]. وبناء على ذلك، لا يبقى أمامنا سوى أن نعمل من تحت الطاولة، وأن يستمر الجانب الآخر في خسارة كل ما كان في إمكاننا أن نقدّمه له.