حزب العمل سيجد نفسه في مزبلة التاريخ إذا لم ينتقل إلى وسط الخريطة السياسية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      ما الذي حدث لحزب العمل؟ لماذا لم يبق منه إلا شظايا مكسورة بعد أن كان، على مدار أعوام طويلة، الحزب الأكبر في إسرائيل، ومن ثم أحد الحزبين الكبيرين؟ إن الجواب عن ذلك موجود في قاعدة قديمة للسياسة الديموقراطية، فحواها أنه لا يجوز الابتعاد أكثر من اللازم عن وسط الخريطة السياسية.

·      لقد كان حزب العمل، على مدار أعوام طويلة، هو حزب الوسط في إسرائيل. وعقب انتصار حزب الليكود في سنة 1977 أصبح إلى يسار الوسط. وفي سنة 1992 تمكن [رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق] يتسحاق رابين من كبح سلسلة الانتصارات الانتخابية لحزب الليكود بعد أن عرض نفسه باعتباره صقراً سياسياً، وذلك على الرغم من انزياحه إلى يسار الوسط قليلاً.

·      لكن منذ اللحظة التي جرى التوصل فيها إلى اتفاق أوسلو في سنة 1993، وعلى الرغم من أن رابين نفسه أيده وهو متردد قليلاً، فإن حزب العمل بدأ ينزاح إلى اليسار أكثر فأكثر، ويُمنى بهزيمة تلو الأخرى.

·      وقد تغير هذا الاتجاه موقتاً عندما قاد [رئيس الحكومة الأسبق] إيهود باراك حزب العمل إلى الانتصار في انتخابات سنة 1999، وذلك بعد أن عرض نفسه باعتباره صقراً سياسياً، ووجّه انتقاداً إلى اتفاق أوسلو، غير أن استعداد باراك لتسليم الجولان [إلى سورية]، والتنازلات الفضائحية التي اقترحها على [الرئيس الفلسطيني الراحل] ياسر عرفات خلال قمة كامب ديفيد [في سنة 2000]، كانا بمثابة دليل على انزياح الحزب إلى اليسار، وهو ما أدى إلى عدم تحوله إلى منافس جاد في أي انتخابات عامة لاحقة.

ويمكن القول إن حـزب العمـل مُني بخسائر كبيرة فـي انتخابـات 2001 و2003 و 2006، وفي آخر انتخابات في 10 شباط/ فبراير 2009، لأنه كان يسارياً جداً في نظر جزء كبير من الجمهور الإسرائيلي العريض. وبما أن الطبيعة لا تحتمل الفراغ، فإن الفراغ الناجم عن انحسار نفوذ حزب العمل احتله حزب كاديما، الذي ادعى أنه حزب وسط، وأنه على استعداد للتوصل إلى السلام مع الفلسطينيين، لكنه في موازاة ذلك رفض التعهد بتقديم تنازلات في الجولان، واتخذ مواقف متصلبة إزاء حركة "حماس". وفي حال عدم انتقال حزب العمل إلى وسط الخريطة السياسية، فمن المتوقع أن يجد نفسه، في نهاية المطاف، في مزبلة التاريخ.