· إن المرحلة الحالية، في سياق علاقتنا مع الولايات المتحدة، هي مرحلة العلاج النفسي. فقد فهمت إدارة الرئيس باراك أوباما فجأة أنها جعلت إسرائيل تعيش عقدة الخوف من الهجر، وأنه ليس في إمكانها، تحت وطأة مثل هذه الحالة النفسية، أن تتعاون معها على أكمل وجه، ولذا، فإنها تغمرها الآن بكثير من الاهتمام والإنصات والتنسيق. كما أن المسؤولين في واشنطن فهموا أنهم أهملوا الجمهور الإسرائيلي العريض، الذي يُعتبر عنصراً مهماً للغاية في المعادلة. ولا شك في أن وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، الذي يقوم أيضاً بدور وزير الخارجية، هو أحد عرّابي هذا التغيير في المقاربة الأميركية.
· في ضوء ذلك زارنا، هذا الأسبوع، ثلاثة من كبار المسؤولين في إدارة أوباما، وهم يتأبطون رزمات من النيات الحسنة تتعلق بأربعة موضوعات: إيران؛ العملية السياسية مع الفلسطينيين؛ التسوية الإقليمية الشاملة؛ تجميد البناء في المستوطنات في الضفة الغربية. صحيح أن لدى كل مسؤول جدول أعمال خاصاً به، لكن هدفهم جميعاً هو تبديد المخاوف من نفوسنا.
· وتُعتبر زيارة مستشار الأمن القومي، جيمس جونز، الأكثر أهمية، فقد التقى في إطارها كلاً من وزير الدفاع ووزراء "المجموعة السداسية" ورئيس هيئة الأركان العامة ورئيس الموساد ورئيس جهاز الأمن العام. وكان الموضوع المركزي في هذه اللقاءات هو الموضوع الإيراني. ويُعدّ جونز أحد كبار الخبراء في مسائل الأمن القومي الإسرائيلي في الإدارة الأميركية الحالية، وهذا يعني أن زيارته لم تهدف إلى دراسة الموضوع الإيراني، وإنما هدفت إلى عرض الموقف الأميركي وتنسيق الإجراءات المستقبلية التي ستتخذ حيال إيران مع إسرائيل.
· لقد عرض جونز برنامجاً أميركياً متكاملاً يتبين منه أن احتمالات إجراء حوار مع إيران أصبحت ضئيلة للغاية، ذلك بأن ما حدث هناك مؤخراً جعل [الرئيس الإيراني] محمود أحمدي نجاد منشغلاً بالمشكلات الداخلية الخاصة به.
· كما تجدر الإشارة إلى أن جونز، وكذلك وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أكدا خلال زيارتيهما أن الولايات المتحدة لا تنوي أن تسمح للإيرانيين بامتلاك أسلحة نووية. وقد جعل هذا التأكيد المسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية خاصة، وفي إسرائيل عامة، يتنفسون الصعداء.
ويمكن القول، بناء على نتائج زيارات المسؤولين الأميركيين، إن سنة 2010 ستكون، بحسب تصوّر الإدارة الأميركية، سنة حاسمة للغاية في كل ما يتعلق بالمسألة الإيرانية. ووفقاً لما نما إلى علمنا، فإن الأميركيين لا يتكلمون، حتى الآن، على عملية عسكرية خاصة بهم، أو على منح إسرائيل ضوءاً أخضر للقيام بعملية من هذا القبيل، غير أنهم لا يسقطون هذا الخيار من حساباتهم.