· يمكن القول إن اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" ليس أكثر من مجرّد إعلان نيات. وفي واقع الأمر، فإن مثل هذا الإعلان حدث ثلاث مرات في الماضي، وفي كل مرة لم يترتب عليه أي تغيير تاريخي على مستوى العلاقات الفلسطينية الداخلية.
· وبموجب ما قالته لي مصادر فلسطينية رفيعة في غزة، فإن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اتجه إلى مسار المصالحة وهو غاضب من العالم كله. فضلاً عن ذلك، فإن واشنطن غاضبة، وجولة المفاوضات الحالية مع إسرائيل لم تسفر حتى الآن عن أي نتيجة ملموسة، وحركة "حماس" تسعى لرفع رأسها عالياً في مناطق الضفة الغربية.
· في المقابل، قالت لي مصادر فلسطينية رفيعة في رام الله إن عباس نجح في أن يوقع حركة "حماس" في الفخ وهي في ذروة أزمة اقتصادية وسياسية، وقبل أن ينتخب عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر ويصفي الحساب معها.
· إن الأسابيع الخمسة التي حددت لإقامة "حكومة الوحدة الفلسطينية" لن تكفي لحسم العديد من الأمور البالغة الأهمية، اذ لم يتم الاتفاق مثلاً على من سيسيطر على الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، وكيف سيتم تقسيم أموال "الوحدة"، وما هو التمثيل الذي ستحصل عليه "حماس"، وكيف سيُدار القطاع في مقابل رام الله؟
· كل هذه المسائل تبدو مثل ألغام في الطريق يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
ومع أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بدا غاضباً للغاية أمام وسائل الإعلام الأجنبية، وسارع إلى إعلان تعليق المفاوضات مع الفلسطينيين وإقرار سلسلة من العقوبات الاقتصادية، لكن من الواضح أنه ليس بإمكانه تجويع غزة، وأنه مضطر لأن يبقي الباب [أمام المفاوضات] مفتوحاً.
· بكلمات أخرى، فإن نتنياهو علّق المفاوضات ولم يقتلها. وهو بذلك كسب الجولة لأنه لن يكون هناك إطلاق دفعة رابعة من الأسرى الفلسطينيين، ولن تنهار الحكومة.
هل فوجئت إسرائيل بالمصالحة الفلسطينية؟ ربما فوجئت بالتوقيت الذي اختاره عباس، أي قبل انتهاء المهلة المحدّدة لانتهاء جولة المفاوضات الحالية بأسبوع واحد. لكن حين يقوم كبار المسؤولين في "فتح" بتنسيق الدخول إلى القطاع والخروج منه عن طريق معبر إيرز مع الجهات الأمنية لدينا، وعندما تقوم مصر بفتح معبر رفح أمام مسؤول كبير من "حماس" مثل موسى أبو مرزوق، فلا توجد دراما كبيرة. ولا شك في أن ما تعرفه مصر يمكن لإسرائيل أن تخمنه.
· فضلاً عن أنه كانت هناك إشارة مسبقة، فقبل أسبوعين نشر أحمد مسلماني مستشار رئيس مصر الموقت عدلي منصور "رسالة مفتوحة" إلى زعيم حركة "حماس" خالد مشعل، نصحه فيها بالانفصال عن حركة "الإخوان المسلمين" التي أعلنتها مصر منظمة "إرهابية"، والتفكير بمفاهيم سياسية إيجابية.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أن مصر ضالعة في الصورة عميقاً، وأنها مطلعة على آخر ما يستجد في الساحة السياسية الفلسطينية.