· بعد أن أمضى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أربعة أشهر في مخبأ محصن تحت الأرض، خرج منه أمس، ولأول مرة، كي يشن هجوماً. وإذا كان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد حشر نتنياهو في الزاوية في قضية المستوطنات، فها هو هذا الأخير، وبمناورة منه، يأخذ أوباما إلى الزاوية المقابلة، في قضية القدس. فكما يوجد إجماع بشأن المستوطنات في أميركا والعالم، هناك إجماع بشأن القدس في إسرائيل وفي أوساط الشعب اليهودي. كلاهما، أوباما ونتنياهو، يلوي ذراع الآخر في نقطة حساسة. والآن سنرى ما إذا كان أوباما رجلاً حقيقياً، وما إذا كان ينوي فعلاً المضي حتى النهاية. والسؤال المطروح هو، ماذا سنفعل إذا اكتشفنا، لهول الفاجعة، أن أوباما جاد، وأنه سيمضي حتى النهاية؟ في هذه الحالة، ربما تكون هذه نهايتنا.
· لا يجوز أن ننسى للحظة واحدة أن هذه فعلاً لعبة غير متكافئة. أميركا هي القوة العظمى، ونحن الدولة الخاضعة للحماية. في وسع الأميركيين أن يسدوا الملجأ في أي لحظة، ولن تقوم لنا قائمة من دونهم. إنهم يعرفون هذا الأمر، ونحن نعرفه أيضاً. والسؤال المطروح هو ما إذا كان في وسع أميركا أن تجيز لنفسها التسبب بأزمة حقيقية في علاقاتها بإسرائيل، أزمة من نوع قد يلحق الضرر بأمن إسرائيل. هل يساوي هذا الأمر المصالحة الكبرى مع العالم الإسلامي؟ وهل سيتمكن أوباما من النجاة من عواقبه؟
· قد يكون الموقف الذي اتخذه نتنياهو مقدمة لأكبر مواجهة تقع بين إسرائيل وواشنطن، وقد يكون مقدمة لانكفاء إسرائيلي يحفظ ماء الوجه في كل ما يتعلق بالبناء في الكتل الاستيطانية، في مقابل إنجاز رمزي في القدس. والاحتمال الثالث هو أن تكون العملية كلها منسقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، كي يتم في أعقابها إيجاد هذا الحل الوسط المنشود. لكن هذا الاحتمال يبدو مستبعداً.