أهداف خطاب أوباما في الأمم المتحدة: ردع إيران وتحسين العلاقة مع أميركا والخروج من العزلة السياسية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

·       يبدو واضحاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أراد من خلال خطابه في الأمم المتحدة تحقيق ثلاثة أهداف، هي: ردع إيران؛ تعبئة الرأي العام الغربي والعربي من أجل اتخاذ الخطوات التي تؤدي إلى تعزيز "الخط الأحمر" الذي رسمه؛ ترميم علاقته بإدارة أوباما وتحسينها، وإنقاذ إسرائيل من العزلة السياسية من خلال تصويرها كمعقل للحضارة الغربية وللديمقراطية وسط منطقة مهددة اليوم بالعودة إلى عصور الظلام.

·       ويمكننا الافتراض أن الخطاب استطاع أن يحقق الهدفين الأولين، وهما: أولاً، ردع إيران من خلال وضع خط أحمر منطقي يفهمه جزء كبير من الرأي العام الأميركي والغربي. وثانياً، طمأنة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومواطني إسرائيل الذين كانوا يشعرون بالقلق في الفترة الأخيرة. فقد اتضح من كلام نتنياهو أن الفرصة لا تزال سانحة لاستخدام الضغط على إيران قبل أن تتجاوز الخط الأحمر، بحيث لن يكون في مقدور إسرائيل وحدها وقف السباق الإيراني نحو القنبلة النووية.

·       من هنا يمكن القول إن احتمال قيام إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية العسكرية في إيران يكاد يكون معدوماً، وبالتأكيد فإن هذا لن يحدث قبل الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ولا حتى خلال الشتاء المقبل. ويبدو من الخط الأحمر الذي رسمه نتنياهو أن التوتر بشأن هذه المسألة سيتصاعد مرة أخرى في آذار/مارس 2013، في حال واصل الإيرانيون تخصيب اليورانيوم على درجة متوسطة.

·       لقد نجح نتنياهو في تبسيط عملية شرحه ماهية الخط الأحمر، وكان هذا ضرورياً من أجل إيصال هذه الفكرة إلى أوسع قدر ممكن من فئات الرأي العام الغربي. كذلك شرح نتنياهو ما المقصود بمصطلح "فوات الأوان"، أي عندما تمتلك إيران ما يكفي من المواد المخصبة، والمقصود امتلاكها يورانيوم مخصباً على درجة 93٪  يمكن بواسطته صنع نواة قنبلة واحدة. حتى الآن ليس لدى إيران غراماً واحداً من هذه المادة، لكنها جمعت لديها نحو 200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب على درجة 20٪. وعندما سيصبح لدى الإيرانيين نحو 260 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب على درجة 20٪، فإنه سيكون في مقدورهم الانتقال فوراً إلى المرحلة النهائية، أي رفع درجة تخصيب هذه الكمية من 20٪ إلى 93٪، ويمكن خلال بضعة أسابيع أو أشهر إنتاج نحو 26 إلى 28 كيلوغراماً من المواد المخصبة على درجة 93٪، والتي يمكن بواسطتها صنع نواة قنبلة نووية واحدة.

·       لقد صدق نتنياهو عندما قال إنه ما إن تنجح إيران في إنتاج مواد مخصبة في منشأة نووية سيصبح من الصعب كبحها، ذلك بأن مرحلة التخصيب الأخيرة ستكون سريعة للغاية ومن الصعب إيقافها، ومن الممكن ألاّ تعرف بها أجهزة الاستخبارات.

·       من هنا، وبدءاً من اللحظة التي يصبح فيها لدى إيران ما يكفي من كميات اليورانيوم المخصب على درجة 20٪ لصنع القنبلة، فإنها ستصبح دولة عظمى على وشك التحول إلى دولة نووية. ولذا يتعين على المجتمع الدولي عدم السماح لها بالوصول إلى هذه المرحلة.

·       في المقابل هناك خط أحمر آخر بالنسبة إلى الأميركيين لم يعلنه أوباما، لكن مصادر مطلعة في واشنطن تعرف جيداً أين يمر. وهذا الخط أكثر تعقيداً، ويتمثل في إصدار الزعيم الأعلى علي خامنئي أوامره بصنع السلاح النووي، أي برفع تخصيب اليورانيوم بهدف صنع الرؤوس الحربية النووية، الأمر الذي لا يمكن أن يحدث قبل أن يصبح لدى الإيرانيين ما يقارب 800 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب على درجة 20٪. وفي رأي الأميركيين، حتى إذا لم تستطع أجهزة الاستخبارات معرفة ما إذا كان الأمر قد صدر بصنع القنبلة، فإن في استطاعة مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية معرفة ذلك.

·       إن الفرق بين خط نتنياهو وبين خط الأميركيين واضح. فما يحاول نتنياهو أن يقوله للأميركيين الآن هو التالي: تعالوا لنتحاور ولنحل معاً الاختلافات في الرأي كي نتوصل إلى اتفاق سري بشأن التوقيت الذي ينبغي أن نشن فيه هجوماً عسكرياً على إيران.

·       لقد أعرب نتنياهو عن استعداده للانتقال الى مسار سري، لا لحل الخلاف السياسي مع أوباما فحسب بل أيضاً للتعتيم على الموضوع ولمنع الإيرانيين من الاطلاع على الاتفاق الذي سيجري التوصل إليه بين إسرائيل وبين الأميركيين والأوروبيين.

·       في جميع الأحوال فإن الإيرانيين لن يصلوا إلى الخط الأحمر الذي وضعه نتنياهو قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. وبالتالي، فإن التطورات الأساسية في هذه المواجهة ستحدث خلال أشهر الشتاء المقبلة.

·       أمّا فيما يتعلق بهدف إخراج إسرائيل من العزلة السياسية، فمن الصعب معرفة ما إذا كان نتيناهو نجح في تحقيق هذا الأمر بشكل كامل، إذ إن كلامه عن إسرائيل بصفتها منارة للديمقراطية والتقدم وسط مجتمعات تعيش في عصور الظلام جاء متعالياً ومتكبراً، ولن يساعدنا في تحسين مكانتنا في المنطقة.