· لعل أول ما يجب ملاحظته فيما يتعلق بالخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس (الخميس) هو أنه تجنب شن أي هجوم على الرئيس الأميركي باراك أوباما، ولم يتضمن أي عناصر يمكن أن تفسّر على أنها تشكل دعماً للمرشح الجمهوري ميت رومني، أو أن تتسبب بـتأجيج الأجواء المناهضة لإسرائيل في واشنطن. صحيح أن نتنياهو فرض خطوطه الحمر على إيران، وذلك خلافاً للموقف العام الذي يتبناه الرئيس أوباما والإدارة الأميركية الحالية في هذا الشأن، إلاّ إنه فعل ذلك بصورة معتدلة ولائقة، ولا تؤدي إلى حشر الولايات المتحدة في الزاوية.
· وقد لمّح رئيس الحكومة إلى أن الموعد الذي سينفـد فيه صبر إسرائيل فيما يتعلق بمسار البرنامج النووي الإيراني هو صيف 2013 كحد أقصى، وأوضح للعالم كله ما هي الخطوط الحمر بالنسبة إلى إسرائيل. وعملياً يمكن القول إن نتنياهو وعد أوباما بعدم الإقدام على شن أي هجوم عسكري على إيران قبل انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
· ولغرض توضيح تلك الخطوط الحمر، استعمل نتنياهو رسماً في هيئة قنبلة نووية، ونقش عليه خطاً أحمر عريضاً بواسطة قلم خاص. ولا شك في أن هذه الحركة المسرحية ستضمن نشر صور كثيرة لرئيس الحكومة في وسائل الإعلام الأميركية والعالمية. مع ذلك، لا بد من القول إنه لا يمكن القضاء على الخطر النووي الإيراني من خلال الرسوم والأحابيل الإعلامية فقط. إن القضاء على هذا الخطر يتم أولاً وقبل أي شيء من خلال تكثيف المشاورات الحميمة مع الإدارة الأميركية، ومع الرئيس الأميركي أوباما الذي يرغب نتنياهو من صميم قلبه في أن يمنى بالهزيمة أمام المرشح الجمهوري ميت رومني. وعلى ما يبدو فإن إمكان إجراء مشاورات كهذه لم يعد في متناول يد رئيس الحكومة في الوقت الحالي.