اتهامات نصر الله إلى إسرائيل لا أساس من الصحة لها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·       إن الأمر الأساسي الذي حاول الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، أن يثبته خلال مؤتمره الصحافي أول من أمس، هو أن حزبه لم يكن ضالعاً في ارتكاب عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، وذلك على الرغم من قرب إصدار لوائح اتهام بحقه في هذا الشأن من طرف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وقد وجد نصر الله أن من المريح له أن يوجّه أصبع الاتهام إلى عنوان آخر هو إسرائيل.

·       وفي إطار ذلك، فإن نصر الله توقف مطوّلا عند حادثتين من الماضي: الأولى حادثة اغتيال رفيق الحريري في سنة 2005، والثانية العملية ضد الكوماندوس الإسرائيلي البحري في أنصارية في سنة 1997. ووفقاً لادعاءاته، فإن هاتين الحادثتين تدلان على النشاطات الخطرة التي تقوم إسرائيل بها داخل الأراضي اللبنانية.

·       وقد حظيت أقوال نصر الله بتغطية إعلامية واسعة في العالم العربي، كما أنها حظيت بتأييد متحمس من طرف قناة الجزيرة القطرية، في حين أنها قوبلت بالشك من جانب بعض المسؤولين اللبنانيين. ولا بُد من القول إن تأييد قناة الجزيرة يُعتبر، في نظر العالم العربي، كما لو أنه قرار إدانة [لإسرائيل] صادر من المحكمة، وبالتالي، فإنه ربما يصبح من الآن فصاعداً بمثابة برهان قاطع على أن إسرائيل هي التي وقفت فعلاً وراء عملية اغتيال الحريري. من ناحية أخرى، يبدو أن مثل هذا الحل [اتهام إسرائيل] مريح لجزء من اللبنانيين أيضاً، ذلك بأن اتهام حزب الله بارتكاب تلك العملية يمكن، كما يلمح نصر الله نفسه، أن يجعل الدولة اللبنانية تتدهور نحو حرب أهلية.

·       لا شك في أن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، واقع في الآونة الأخيرة بين المطرقة والسندان، فهو من جهة، يتعرض لضغوط كبيرة تمارسها عليه كل من سورية وإيران وحزب الله كي يعلن أنه سيتغاضى عن استنتاجات المحكمة الدولية، ومن جهة أخرى، هناك الإدارة الأميركية، التي لم تُخف غضبها جرّاء قيام قناصة من الجيش اللبناني، قبل أسبوع، بإطلاق النار على جنود الجيش الإسرائيلي، وبناء على ذلك، فقد أقدم الكونغرس الأميركي في واشنطن أمس على تجميد المساعدات العسكرية الأميركية إلى الجيش اللبناني، في الوقت الذي تقوم إدارة الرئيس باراك أوباما بتشديد مواقفها إزاء سورية من خلال إرجاء إرسال السفير الأميركي الجديد إلى دمشق، والمطالبة بإجراء تحقيق يتعلق بما يحدث في سورية في المجال النووي. ويمكن القول إن قرار تجميد المساعدات العسكرية الأميركية إلى الجيش اللبناني ينطوي على إشارة واضحة من الولايات المتحدة إلى لبنان فحواها عدم المضي بعيداً في قصة الحب مع السوريين.

يبقى السؤال المطروح هو: هل يمكن أن تكون إسرائيل جازفت وارتكبت فعلاً عملية معقدة وحافلة بالأخطار مثل اغتيال رفيق الحريري، الذي كان رئيس حكومة معتدلاً ومقرباً جداً من الولايات المتحدة وفرنسا، كي يكون في إمكانها أن تتهم حزب الله لاحقاً؟ إن ما تجدر الإشارة إليه، في معرض الإجابة عن هذا السؤال، هو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية في تلك الفترة كان أريئيل شارون الذي سبق أن اكتوى كثيراً جرّاء محاولته تنفيذ مخططات ذات أهداف طموحة في لبنان قبل عملية اغتيال الحريري بأكثر من عشرين عاماً [في إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان سنة 1982]. وفي المقابل، فإن السياسة الرسمية التي اتبعها شارون فيما يتعلق بالحدود الشمالية كانت "المراوحة في المكان" (وقد تعرّض جرّاء ذلك لحملة نقد حادة في إثر حرب لبنان الثانية في صيف سنة 2006). وإذا كان لدى شارون أحلام تتعلق بتنفيذ عمليات اغتيال بحق زعماء عرب في تلك الفترة، فلا شك في أنها كانت مركزة على شخص رئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات. بناء على ذلك، يمكن القول إن اتهامات نصر الله لا أساس لها من الصحة.