لماذا نتخاصم مع الأردنيين؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

  • إن أحد أسباب البرودة والجفاء من جانب الجمهور الأردني تجاه إسرائيل هو خيبة الآمال التي علقها على "ثمار السلام". فعندما وقعت اتفاقية السلام، أعلن الطرفان نيتهما إنشاء مشاريع مشتركة في مجالي الاقتصاد والبنى التحتية من شأنها تحسين المستوى المعيشي في الأردن. لكن شيئاً من هذا لم يتحقق.
  • يوجه البروفسور شمعون شامير الذي كان سفيراً لإسرائيل في الأردن، في كتابه الذي يحمل عنوان "صعود السلام الحار مع الأردن وسقوطه"، إصبع الاتهام إلى حكومات إسرائيل التي برأيه "لم تعمل بجدية من أجل تحقيق الرؤيا" التي انطوت عليها اتفاقية السلام.
  • إن أحد المشاريع الأساسية التي بادر إلى اقتراحها رئيس الحكومة إسحاق رابين، كان إنشاء مطار مشترك. فقبل توقيع اتفاق السلام، طرح رابين على الملك حسين اقتراحاً بضم مطارَي إيلات والعقبة ضمن مطار مشترك يقوم في سهل العقبة ويحمل اسم "مطار السلام". وقد أيد الملك حسين المشروع بحماسة. لكن هذا المشروع لم يدخل حيز التنفيذ بسبب معارضة العاملين في مطار إيلات وكذلك أصحاب الفنادق في المدينة الذين تخوفوا من عدم انتقال المسافرين الذين يهبطون في مطار العقبة إلى إيلات. ولم ينفع تأييد أربعة رؤساء حكومة لهذا المشروع، وفي النهاية جرى التخلي عن الفكرة.
  • وعلى ما يبدو، فإن إسرائيل لم تتعلم من هذه التجربة، أو أن شبكة العلاقات مع الأردن لا تشغل بال أحد، وإلا كيف نفسر القرارات الغريبة بشأن إقامة مطار "رامون" في منطقة تمناع (على اسم إيلان رامون رائد الفضاء الإسرائيلي الذي قتل في تحطم مكوك الفضاء الأميركي سنة 2003، ونجله أساف رامون الذي قتل بتحطم طائرته سنة 2009).
  • في تموز/يوليو 2011 قررت الحكومة إنشاء مطار دولي شمال إيلات، وفي 9 أيار/مايو من هذه السنة أقيم احتفال بوضع الحجر الأساس له. وفي الواقع، فإن هذا المشروع إلى جانب كونه إساءة إلى كرامة الأردنيين ونهاية المشروع المشترك بين إيلات والعقبة، فإنه جرى من دون التنسيق مع الأردنيين. وهذا التنسيق ضروري ليس فقط بسبب القرب الكبير للمطار الجديد من مطار العقبة، بل لأن عدم التنسيق فيما يتعلق بمسار الطائرات في المطارين من شأنه أن يتسبب بمشكلات خطيرة.
  • لكن النظرة الاستعلائية لدى متخذي القرارات في إسرائيل رأت أنه بما أن المطار سيقام على أرض إسرائيل فلا حاجة للتنسيق. وهذا الأسبوع قال مصدر رفيع المستوى في وزارة المواصلات: "لماذا علينا التنسيق مع الأردنيين وهم لم ينسقوا مع إسرائيل لبناء المطار الأردني في العقبة؟". وهذا الكلام لا أساس له من الصحة لأن العمل في بناء مطار العقبة بدأ قبل نحو 30 عاماً من توقيع اتفاقية السلام.
  • وقبل شهرين، بلغ الشعور بالاساءة لدى الأردنيين حداً دفعهم إلى التخلي عن عادتهم في ضبط النفس، وأعلنوا صراحة معارضتهم الشديدة لبناء المطار في مكانه الحالي. فقد صرح المسؤول عن لجنة مراقبة الطيران المدني في الأردن الكابتن محمد أمين القرعان: "ما إن علمنا بمكان المطار الإسرائيلي الجديد حتى أدركنا أنه مشكلة. واستناداً إلى المعلومات التي لدينا، فإن المشروع لا يستوفي المعايير الدولية. المسافة المطلوبة بين المطار الدولي الأردني في العقبة والمطار الذي تنوي إسرائيل إقامته ليست كافية، الأمر الذي يشكل خطراً على الطائرات المتوجهة إلى المطارين. لقد رفضنا المكان الذي تنوي إسرائيل بناء المطار عليه، وأعلمنا الجانب الإسرائيلي. لكن يبدو أن الإسرائيليين لم يقبلوا وجهة نظرنا".
  • وذكر الناطق باسم وزارة المواصلات الإسرائيلية أنه اتُفق في المحادثات التي جرت في الفترة الأخيرة مع الأردنيين على مواصلة اللقاءات والتنسيق في كيفية استخدام المطارين في كل من تمناع والعقبة.
  • يتعيّن على ديوان رئاسة الحكومة البدء بمعالجة هذه القضية إذ لم يبق لنا أصدقاء كثر في المنطقة. وسيكون من المؤسف أن تتسبب غطرسة العاملين في بناء المطار، في إبعاد آخر أصدقائنا في المنطقة عنا.