نتنياهو فشل في توطيد علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

·       كان يفترض ببنيامين نتنياهو أن يكون زعيماً في أميركا، فقد تربى وعمل فيها، وأصبح خبيراً في تاريخها، وهو من أولئك الذين يفهمون في اقتصادها وسياستها. فهو يفكر باللغة الأميركية، ومعظم الأشخاص الذين يحترمهم هم من أصحاب الثروات ومن المفكرين الأميركيين، كما أنه يشعر في واشنطن بأنه في بيته أكثر مما يشعر بذلك في القدس. لكن على الرغم من ذلك كله، وبعد مرور ثلاثة أعوام ونصف العام على حكمه، بدأ يتضح أن فشل نتنياهو الأكبر هو تحديداً في الموضوع الأميركي، فبدلاً من أن يقيم حلفاً أميركياً – إسرائيلياً قوياً خلق أزمة عميقة في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية.

·       ما حدث بسيط للغاية، إذ على الرغم من جذور نتنياهو العميقة في السياسة الأميركية، فإن الأمور اختلطت عليه ونسي أنه رئيس حكومة دولة صغيرة في الشرق الأوسط، وراح يفكر كما لو أنه الزعيم الذي سينقذ أميركا من نفسها. في المقابل، وعلى الرغم من الدور الفاعل لنتنياهو في السياسة الداخلية الأميركية، فإن الأمور اختلطت أيضاً على أوباما ونسي أنه أمام رئيس حكومة دولة صغيرة في الشرق الأوسط، وأخذ يتعامل مع نتنياهو كأنه خصم أميركي.

·       مع ذلك، لا مجال للمساواة بين أوباما وبين نتنياهو، فالأول رئيس دولة عظمى، والثاني رئيس حكومة دولة تابعة بصورة مطلقة لهذه الدولة العظمى، وجميع رؤساء الحكومات الإسرائيلية الذين وقفوا ضد البيت الأبيض فعلوا ذلك من دون أن يتحدوا البيت الأبيض، وحرصوا على أن يبقى التأييد الأميركي لإسرائيل يشمل الحزبين الكبيرين، وبذلوا ما في وسعم من أجل أن يقف الليبراليون في شمال شرق الولايات المتحدة والمحافظون في الجنوب الغربي إلى جانبهم، وحافظوا دائماً على احترام الرئيس.

·       لقد تصرف نتنياهو بصورة مختلفة، واعتمد استراتيجية أميركية تستند إلى القوة، إذ حاول تعبئة الرأي العام الأميركي والكونغرس ضد الرئيس، واعتمد على القاعدة المؤيدة له من الإنجيليين وعلى دعم منظمة إيباك، وتجاهل أميركا الأخرى. وبهذه الطريقة خلق مواجهة مباشرة، هي الأولى من نوعها، بين الحكومة الإسرائيلية، وبين الحزب الديمقراطي والنخبة الليبرالية. ولم يكتفِ نتنياهو بالخلاف مع الرئيس الأميركي، وإنما جعل نفسه العدو الأول لجزء كبير من أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة، وهكذا حشر نتنياهو نفسه وحشرنا معه في زاوية اليمين المتطرف في أميركا.

·       ومن سخرية القدر أن الموضوع السياسي الذي يشغل رئيس الحكومة، أي الموضوع الإيراني، هو موضوع محق، فنتنياهو يدرك تماماً التحدي الإيراني، بعكس كثيرين من الليبراليين الأميركيين. لكن وظيفة رئيس الحكومة الإسرائيلية تتطلب منه أن يكون حكيماً لا أن يكون على حق فقط. بيد أن نتنياهو لم يكن حكيماً في كل ما يتعلق بالولايات المتحدة، فقد انتهج سياسية أميركية غير صحيحة أوصلتنا إلى حافة الهاوية.