حملة اليمين الإسرائيلي ضد أوباما هدفها إقناع الجمهور بعدم الأخذ بمواقف واشنطن من النزاع مع الفلسطينيين
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- نشهد في الأيام الأخيرة، منذ توقيع اتفاق جنيف، حملة منسقة ومنظمة يقوم بها أطراف من اليمين في إسرائيل والولايات المتحدة هدفها تشويه صورة الرئيس باراك أوباما. ونرى معلقين في إسرائيل والولايات المتحدة يكتبون عن خيانة أوباما لإسرائيل والسعودية.
- وبالمناسبة، إن قلق اليمين الإسرائيلي المفاجئ على السعودية ودول الخليج يمسّ نياط القلب. وكان هناك من شبّه أوباما بنيفيل تشامبرلين [رئيس الوزراء البريطاني الذي وقع في 1938 معاهدة ميونيخ مع ألمانيا النازية]، وشبّه اتفاق جنيف باتفاق ميونيخ. وزعم بعض المعلقين في إسرائيل أن أوباما تخلى عن الخيار العسكري على الرغم من أنه قال عكس ذلك. وذهبت صحيفة "يسرائيل اليوم" التي يملكها شلدون أدلسون [الصديق المقرب لنتنياهو] إلى أبعد من ذلك واتهمت أوباما بالقبول بإيران نووية.
- إن هدف هذه الأطراف واضح ألا وهو إقناع الجمهور في إسرائيل بأن أوباما عدو لنا، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة، ويجب عدم الأخذ بمناشدات واشنطن ومواقفها في كل ما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
- لكن ماذا نفعل من دون دعم الولايات المتحدة؟ لقد أجاب وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان على هذا السؤال بقوله ان علينا البحث عن شركاء جدد، وهو يقصد روسيا والصين اللتين لم يسبق أن صوتتا إلى جانب إسرائيل في الهيئات الدولية بدءاً بالوكالة الدولية للطاقة الذرية وانتهاء بمجلس الأمن في الأمم المتحدة. ربما قصد ليبرمان الاتحاد الأوروبي، المعروف بمواقفه المعارضة للاستيطان.
- إن محاولة تصوير الولايات المتحدة على أنها تخلت فجأة عن المساعي التي بذلتها طوال سنين من أجل كبح البرنامج النووي الإيراني، وأنها أدارت ظهرها لأصدقائها في الشرق الأوسط وفي طليعتهم إسرائيل، محاولة ظالمة وغير حكيمة. هي ظالمة لأنها غير صحيحة ولأن الفرضية التي تقوم عليها لا أساس لها من الصحة ولا صلة لها بالواقع، وهي إلى جانب ذلك تلحق الضرر بمصالح إسرائيل الحيوية.
- ثمة نسبة لا بأس بها من الصدق في انتقادات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لاتفاق جنيف، فالاتفاق إشكالي لكنه أيضاً ليس كارثة. لكن أن ننطلق من ذلك للوصول إلى الاستنتاج غير المعقول بأن أوباما غـيّر جلده وبات مستعداً للقبول بإيران نووية، فهذا أمر بعيد جداً عن المنطق.
- لقد كان أوباما وراء نظام العقوبات المفروض على إيران الذي يعتبر من أقسى ما شهده العالم. وهو يعتقد اليوم أن العقوبات قامت بدورها وهناك إمكانية للتوصل إلى حل مع إيران يدعمه المجتمع الدولي الموحد. قد لا يكون الاتفاق مثالياً لكنه مقبول، لأن الغاية منه عدم حصول إيران على سلاح نووي. ومن المحتمل أن يكون أوباما على خطأ- الأيام هي التي ستبرهن- لكن لا يمكننا أن نحرمه الحق، لا بل الواجب، في أن يجرب التوصل إلى اتفاق مع إيران.
- إن الحملة ضد أوباما إلى جانب كونها ظالمة فهي أيضاً ليست حكيمة. إن مصلحة إسرائيل العليا هي العودة إلى التعهدات التي كررها أوباما صبحاً ومساء والتزم فيها "استخدام جميع عناصر القوة الوطنية الأميركية من أجل منع إيران من الحصول على سلاح نووي"، وإقناع العالم كله وعلى رأسه إيران، بأن رئيس الولايات المتحدة لا "يبلف".
- هل تقتضي المصلحة الإسرائيلية ادعاء أن أوباما قَبل بإيران نووية؟ وإذا صح ذلك لا سمح الله، فإن هذا يضع إسرائيل أمام عدة احتمالات بعضها أسوأ من بعض. لذا، يتعين علينا العودة إلى أرض الواقع والتصرف بذكاء وحكمة.