الاتفاق مع إيران يحوّل نظام آيات الله إلى تهديد استراتيجي لا يمكن السيطرة عليه
تاريخ المقال
المصدر
- خلافاً للرأي السائد لدينا، فإن إيران تضع كلاً من الولايات المتحدة والسعودية ودول الخليج الفارسي [العربي] لا إسرائيل، في رأس قائمة بنك الأهداف لبرنامجها النووي. وهي تتطلع إلى امتلاك قدرة نووية هائلة كي تدفع قدماً هدفاً كبيراً ومهماً لها هو السيطرة على الخليج وعلى الإسلام السنيّ من خلال إزالة عائق ضخم يتمثل في قوة الولايات المتحدة في الخليج، من دون أي صلة بإسرائيل وسياستها أو بالصراع العربي- الإسرائيلي والشأن الفلسطيني.
- ومع ذلك، فإن القدرة النووية الإيرانية من شأنها أن تضعف كثيراً قوة الردع العسكرية التي تمتلكها إسرائيل وأن تضائل كذلك قدرتها على المساومة الدبلوماسية. كما أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل وانخفاض الهجرة والسياحة إليها، وأن يزيد "الإرهاب" في العالم أجمع. وكل ذلك سيلحق أضراراً فادحة بإسرائيل، حتى من دون إطلاق رأس نووي أحد.
- من الواضح أن إيران تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة بموازاة عدد من النشاطات الأخرى مثل تشجيع "الإرهاب" المعادي للولايات المتحدة، وتحويل العراق إلى جبهة "إرهاب" مركزية، والتآمر على أنظمة الحكم في السعودية ودول الخليج وإفريقيا، وتربية الشعب الإيراني على كراهية الولايات المتحدة. ويتعاون الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني مع كوريا الشمالية على تطوير صواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية وإصابة الولايات المتحدة.
- ووفقاً لتقرير للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في إيران، فقد تم الإبلاغ عن تنفيذ 724 عملية إعدام خلال عام ونصف نُفذ جزء منها منذ تولي روحاني منصبه في حزيران/ يونيو الفائت. ويمكن القول إن اضطهاد المواطن الإيراني وسلب حقوقه يُمثلان السياسة العامة لروحاني أكثر مما تمثلها تصريحاته العلنية.
- إن إظهار الحماسة لاتفاق مع إيران يؤدي إلى ثمن باهظ وإلى تكرار أخطاء الماضي، وما زلنا نذكر كيف أن خمسين سنة من الدبلوماسية والعقوبات والإغراءات والاتفاقات التي كانت ترمي إلى اختبار النيات، مهدت الطريق أمام حصول نظام مخالف للقانون ومعاد للولايات المتحدة في كوريا الشمالية على قدرة نووية عسكرية. ولم تغير ثلاثون سنة من الدبلوماسية والعقوبات والاتفاقات نظام آيات الله في طهران، الذي بات الآن في آخر مرحلة من سباق الماراثون نحو امتلاك قدرة نووية.
- إن روحاني لم يُنتخب بصورة ديمقراطية، بل انتخبه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي المتمسك بتكتيك "التقيّة" الذي يتيح إمكان الخداع واستعمال اللغة المزدوجة لعقد اتفاقات مع "الكفار" ونكثها في سبيل الدفع قدماً بأهداف الإسلام. وقد ضلل روحاني بصورة ممنهجة الوكالة الدولية للطاقة الذرية حين كان يتولى رئاسة الطاقم الإيراني للمفاوضات.
- مع ذلك، لا بُد من رؤية أن الاتفاق مع إيران ناجم عن سياسة أميركية ممنهجة ساعدت على تولي "الإخوان المسلمين" زمام الحكم في مصر، وعلى سيطرة إرهاب أسوأ من سلطة معمر القذافي على ليبيا، وعلى تعزيز قوة [الرئيس الروسي] فلاديمير بوتين في سورية، وعلى زرع الرعب لدى أصدقاء الولايات المتحدة في الخليج الفارسي.
- في المقابل، فإن هذا الاتفاق يمنح إيران وقتاً ثميناً لامتلاك قدرة نووية ستحوّل نظام آيات الله من تهديد تكتيكي يمكن كبحه، إلى تهديد استراتيجي لا يمكن السيطرة عليه.