حادثة الحدود الشمالية شبيهة بما حدث على الحدود السورية عشية حرب 1967
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       إن الهدوء الذي أعقب حرب لبنان الثانية [صيف سنة 2006] كان مخادعاً، مثل الهدوء الذي أعقب عملية "الرصاص المسبوك" في غزة [شتاء سنة 2009]. ونظراً إلى عدم قيام الجيش الإسرائيلي، خلال حرب لبنان الثانية، بالقضاء على حزب الله، فإن هذا الحزب تحوّل إلى وحش، وسرعان ما أقام قاعدة صواريخ إيرانية تهدد تل أبيب.

·       في المقابل، فإن التداعيات السياسية للحربين اللتين خاضتهما الحكومة الإسرائيلية السابقة برئاسة إيهود أولمرت [في لبنان وغزة]، والصورة المتطرفة للحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، أسفرتا عن تأكل شرعية إسرائيل في العالم، فضلاً عن أن قدرة الجيش الإسرائيلي على الردّ على التهديدات المتفاقمة من خلال عمليات عسكرية غير متكافئة ومتحررة من أي كوابح، تعرضت لمساس كبير.

·       إن جوهر الهدوء [في الحدود الشمالية] كان معروفاً سلفاً، وفحواه أن الهدنة موقتة. ومع أن هذا الهدوء أتاح للمؤسسة السياسية في إسرائيل إمكان إطلاق مبادرة سياسية، ومع أن تدهور مكانة إسرائيل الاستراتيجية كان يستوجب إطلاق مبادرة كهذه، إلا إن هذه المؤسسة السياسية لم تحرك ساكناً.

·       لا بُد من القول إن [رئيس الحكومة السابق] إيهود أولمرت بذل محاولات في هذا الشأن، فقد تخلى بسبب حرب لبنان الثانية عن خطة الانطواء، وحاول إجراء مفاوضات مع السوريين وكذلك مع الفلسطينيين، لكنه على الرغم من براغماتيته لم يكن متسلحاً برؤية سياسية عميقة، ولذا، فإنه ساهم في تخليص السوريين من الحصار الدولي الذي كان مفروضاً عليهم قبل أن يحصل منهم على تنازل حقيقي. وفي إثر ذلك حاول أن يتوصل مع الفلسطينيين إلى اتفاق يضع حداً للنزاع، ولكنهم لم يكونوا معنيين بذلك مطلقاً. وبالتالي، فإن الخطوات السياسية لحكومة أولمرت كانت خطوات جوفاء، ذلك بأنها منحت إسرائيل فترة هدوء لم تستغلها لإحداث تغيير حقيقي.

·       أمّا رئيس الحكومة الحالية، بنيامين نتنياهو، فيدّعي أنه يحاول فعل شيء، وأن الواقع الصعب الذي يواجهه ناجم عن حربَي أولمرت، وأن أطرافاً كثيرة ـ إسرائيلية وفلسطينية وإقليمية ودولية ـ تكدّس الصعوبات في طريقه. ربما يكون نتنياهو على حق في ادعاءاته، غير أننا لا نلمس أنه يدرك خطورة الوضع القائم، وأن قوة الردع الإسرائيلية استنفدت مفعولها.

إن الرصاصات التي أطلقها جنود الجيش اللبناني أول من أمس لم تسفر عن إشعال حرب، أو عن وضع حدّ للهدوء [في الحدود الشمالية]، لكنها أسفرت عن إحداث شرخ في هذا الهدوء. فضلاً عن ذلك، فإن الحادثة الموضعية في الحدود الشمالية تعيد التذكير بحوادث حدودية موضعية في منطقة الحدود مع سورية في ستينيات القرن العشرين الفائت، والتي أسفرت في نهاية الأمر عن اندلاع حرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967]. لقد حان الوقت كي يدرك نتنياهو أننا نعيش آخر أيام الأعوام السمان، وانه إذا لم يتحرك فوراً من أجل تغيير السياق الاستراتيجي، فإن الهدوء في الحدود الشمالية لن يصمد طويلاً.